للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْعَجَبُ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَلِلْحَنَفِيِّينَ، وَقَدْ جَرَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ وَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ، وَمَالِكٌ جَرَّحَ حَرَامَ بْنَ عُثْمَانَ وَصَالِحًا مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، ثُمَّ لَا مُؤْنَةَ عَلَى الْمَالِكِيِّينَ وَالْحَنَفِيِّينَ إذَا جَاءَ هَؤُلَاءِ خَبَرٌ مِنْ رِوَايَةِ حَرَامٍ وَصَالِحٍ يُمْكِنُ أَنْ يُوهِمُوا بِهِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لِتَقْلِيدِهِمْ إلَّا احْتَجُّوا بِهِ وَأَكْذَبُوا تَجْرِيحَ مَالِكٍ لَهُمْ وَلَا مُؤْنَةَ عَلَى الْحَنَفِيِّينَ إذَا جَاءَهُمْ خَبَرٌ يُمْكِنُ أَنْ يُوهِمُوا بِهِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لِتَقْلِيدِهِمْ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ إلَّا احْتَجُّوا بِهِ، وَيُكَذِّبُوا تَجْرِيحَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ، وَنَحْنُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - أَحْسَنُ مُجَامَلَةً لِشُيُوخِهِمْ مِنْهُمْ، فَلَا نَرُدُّ تَجْرِيحَ مَالِكٍ فِيمَنْ لَمْ تُشْتَهَرْ إمَامَتُهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَمَا كَانَ لَهُمْ بِهِ مُتَعَلَّقٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٌ، وَلَا مِنْ تِلْكَ التَّقَاسِيمِ، بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ، وَمُوجِبٌ لِلصَّلَاةِ إلَّا أَنْ تَرَى دَمًا، فَظَهَرَ فَسَادُ احْتِجَاجِهِمْ بِهِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِسْنَاهُ عَلَى حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ، وَعَلَى أَجَلِ اللَّهِ تَعَالَى لِثَمُودَ، فَكَانَ هَذَا إلَى الْهَزْلِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْعِلْمِ.

وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَرُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَصُومُ وَتُصَلِّي وَلَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا.

قَالَ عَلِيٌّ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهَا إمَّا حَائِضٌ وَإِمَّا طَاهِرٌ غَيْرُ حَائِضٍ، وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فِي غَيْرِ النُّفَسَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَا تَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ وَلَا الصَّوْمُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ نُفَسَاءَ وَلَا حَائِضٍ فَوَطْءُ زَوْجِهَا لَهَا حَلَالٌ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا صَائِمًا أَوْ مُحْرِمًا أَوْ مُعْتَكِفًا أَوْ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا، فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>