للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَرْضٍ أَوْ عَقَارٍ: بِيعَ ذَلِكَ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] فَمَنْ لَمْ يَبِعْ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ حَقُّ مَا يُوَصِّلُهُ بِهِ الْعَبْدُ أَوْ غَيْرُهُ إلَى حَقِّهِ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] وَمِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ إيفَاءُ ذِي الْحَقِّ حَقَّهُ، وَمِنْ الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ مَنْعُ ذِي الْحَقِّ حَقَّهُ.

وَأَمَّا بَيْعُ الْمَمْلُوكِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَالٌ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَيْهِ، وَلَا كَانَ بِيَدِ الْعَبْدِ عَمَلٌ يُؤَاجَرُ بِهِ، أَوْ مُؤَاجَرَةُ الْمَمْلُوكِ إنْ كَانَ بِيَدِهِ عَمَلٌ تَقُومُ مِنْهُ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ، فَلَمَّا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ أَبَا طَيْبَةَ كَانَ لِمَوَالِيهِ عَلَيْهِ خِرَاجٌ بِعِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يُخْفُوا عَنْهُ مِنْ خِرَاجِهِ.

وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نا لَيْثٌ - هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا يَقُولُ فِيمَنْ بَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كُلُّ مَا رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فَقَدْ سَمِعَهُ أَبُو الزُّبَيْرِ مِنْ جَابِرٍ كَمَا نا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ نا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا الْعُقَيْلِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: " قَدِمْتُ عَلَى أَبِي الزُّبَيْرِ فَدَفَعَ إلَيَّ كِتَابَيْنِ فَسَأَلَتْهُ كُلَّ هَذَا سَمِعْته مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مِنْهُ مَا سَمِعْتُ، وَمِنْهُ مَا حُدِّثْتُ، فَقُلْتُ: أَعْلِمْ لِي عَلَى كُلِّ مَا سَمِعْت مِنْهُ؟ فَأَعْلِمْ لِي عَلَى هَذَا الَّذِي عِنْدِي ".

وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: لِمَ بِعْتُمْ الْعَبْدَ إذَا أَعْسَرَ السَّيِّدُ بِنَفَقَتِهِ، أَوْ بِنَفَقَةِ أَهْلِهِ، أَوْ بِنَفَقَةِ نَفْسِهِ - وَلَمْ تُطَلِّقُوا الزَّوْجَةَ، وَلَمْ تَعْتِقُوا أُمَّ الْوَلَدِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ؟ قُلْنَا: حَقُّ مَنْ لَهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ فِي مَالِهِ وَعَبْدُهُ، وَأَمَتُهُ، مَالٌ مِنْ مَالِهِ فَيُبَاعَانِ فِي كُلِّ حَقٍّ عَلَيْهِ لِيُعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>