للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذِهِ صِفَةُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَيَدْخُلُ فِيهِ طَلَاقُ الثَّلَاثِ الْمَجْمُوعَةِ، وَآخِرُ الثَّلَاثِ، وَبِالضَّرُورَةِ يُوقِنُ كُلُّ ذِي حِسٍّ سَلِيمٍ أَنَّ مَنْ طَلَّقَهَا فَلَمْ يُبْلِغْهَا الطَّلَاقَ فَقَدْ ضَارَّهَا، وَمُضَارَّتُهَا حَرَامٌ، فَفِعْلُهُ مَرْدُودٌ بَاطِلٌ، وَالْمَعْصِيَةُ لَا تَنُوبُ عَنْ الطَّاعَةِ، وَبِالضَّرُورَةِ يُوقِنُ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَمْ يُسَرِّحْهَا سَرَاحًا جَمِيلًا، وَمَنْ لَمْ يُطَلِّقْ لِلْعِدَّةِ، وَلَمْ يُحْصِ الْعِدَّةَ فَلَمْ يُطَلِّقْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَنْ لَمْ يُطَلِّقْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمْ يُطَلِّقْ أَصْلًا.

فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ - مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَهْدِيٌّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَهْمِ - قَالَ: سَمِعْتُ «فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ: أَرْسَلَ إلَيَّ زَوْجِي بِطَلَاقِي، فَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: كَمْ طَلَّقَكِ؟ قُلْتُ: ثَلَاثًا - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ» ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَهَذَا قَوْلُنَا، وَلَمْ نَقُلْ قَطُّ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الطَّلَاقُ إذَا بَلَغَهَا وَسَنَذْكُرُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي " بَابِ الْعِدَدِ " مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: إنَّ مَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَهُوَ غَائِبٌ فَإِنَّهَا لَا تَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ، إلَّا مِنْ حِينِ يَبْلُغُهَا الْخَبَرُ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ يَلْزَمْهَا الطَّلَاقُ إلَّا مِنْ حِينِ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، إذْ لَا يَجُوزُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَنْ يُحَالَ بِزَمَانٍ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ أَوَّلِ عِدَّتِهَا.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ ذَاتُ زَوْجٍ مَوْطُوءَةٌ مِنْهُ خَارِجَةً عَنْ الزَّوْجِيَّةِ بِطَلَاقِهِ، وَفِي غَيْرِ عِدَّةٍ - هَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ خَبَرُ فَاطِمَةَ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ نا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا شَيْبَانُ - هُوَ ابْنُ فَرُّوخَ - عَنْ يَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ انْطَلَقَ إلَى الْيَمَنِ - وَذَكَرَتْ الْخَبَرَ» .

فَإِنْ قِيلَ: فَأَنْتُمْ لَا تُجِيزُونَ الطَّلَاقَ إلَى أَجَلٍ، وَلَا الطَّلَاقَ بِصِفَةٍ، وَتَحْتَجُّونَ بِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>