للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَوَّهُوا بِالْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا «ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جَدٌّ» وَلَيْسَ فِيهَا عَلَى سُقُوطِهَا لِلسَّكْرَانِ ذِكْرٌ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.

وَاحْتَجُّوا بِالْخَبَرِ الْمَوْضُوعِ «لَا قَيْلُولَةَ فِي الطَّلَاقِ» وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَكَانَ ذَلِكَ فِي طَلَاقِ مَنْ طَلَاقُهُ طَلَاقٌ مِمَّنْ يَعْقِلُ كَمَا يَقُولُونَ فِي طَلَاقِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.

وَبِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ: «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ بَيَّنَّا سُقُوطَهُ آنِفًا فِي بَابِ " طَلَاقِ الْمُكْرَهِ ".

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ طَلَاقَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَلَيْسَ بِمَعْتُوهٍ.

وَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ فَهُوَ مَعْتُوهٌ بِلَا شَكٍّ، لِأَنَّ الْمَعْتُوهَ فِي اللُّغَةِ: هُوَ الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ، وَمَنْ لَا يَدْرِي مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ، فَلَا عَقْلَ لَهُ، فَهُوَ مَعْتُوهٌ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ.

وَقَالُوا: قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ، إذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَإِذَا افْتَرَى: جُلِدَ ثَمَانِينَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَبَرٌ مَكْذُوبٌ قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلِيًّا، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ، ثُمَّ عَظِيمُ مَا فِيهِ مِنْ الْمُنَاقَضَةِ، لِأَنَّ فِيهِ إيجَابَ الْحَدِّ عَلَى مَنْ هَذَى، وَالْهَاذِي لَا حَدَّ عَلَيْهِ.

وَهَلَّا قُلْتُمْ: إذَا هَذَى كَفَرَ، وَإِذَا كَفَرَ قُتِلَ؟ وَقَالُوا: بِنَفْسِ السُّكْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَالطَّلَاقُ كَذَلِكَ؟ قُلْنَا: كَذَبْتُمْ مَا وَجَبَ قَطُّ بِالسُّكْرِ حَدٌّ، لَكِنْ بِقَصْدِهِ إلَى شُرْبِ مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ فَقَطْ، سَوَاءٌ سَكِرَ أَوْ لَمْ يَسْكَرْ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ مَنْ سَكِرَ مِمَّنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ.

وَقَالُوا: هُوَ مُخَاطَبٌ بِالصَّلَاةِ فَطَلَاقُهُ لَازِمٌ لَهُ؟ قُلْنَا: كَذَبْتُمْ، بَلْ نَصُّ الْقُرْآنِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالصَّلَاةِ، بَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا حَتَّى يَدْرِيَ مَا يَقُولُ.

وَقَالُوا: لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ مَنْ شَاءَ قَتْلَ عَدُوِّهِ سَكِرَ فَقَتَلَهُ، وَمَنْ يَدْرِي أَنَّهُ سَكْرَانُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>