للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخُلْعُ حَتَّى لَا تَغْتَسِلَ لَهُ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَا تُطِيعُ لَهُ أَمْرًا، وَلَا تَبَرُّ لَهُ قَسَمًا، وَقَالَ الْآخَرُ: لَوْ فَعَلَتْ هَذَا كَفَرَتْ، وَلَكِنْ حَتَّى تَقُولَ: لَا أَبَرُّ لَك قَسَمًا، وَلَا أَغْتَسِلُ لَك مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَا أُطِيعُ لَك أَمْرًا.

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: الْخُلْعُ إذَا قَالَتْ: وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ لَك مِنْ جَنَابَةٍ - وَكُلُّ هَذَا لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ إذَا كَرِهَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فَلْيَأْخُذْ مِنْهَا.

مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْفِدْيَةِ حَتَّى يَكُونَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا، أَنْ تُظْهِرَ لَهُ الْبَغْضَاءَ، وَتُسِيءَ عِشْرَتَهُ وَتَعْصِيَ أَمْرَهُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ فِي الْخُلْعِ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٢٩] . وَلَمْ يَكُنْ يَقُولُ قَوْلَ السُّفَهَاءِ: لَا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَقُولَ: لَا أَغْتَسِلُ لَك مِنْ جَنَابَةٍ، لَكِنْ {أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٢٩] تَعَالَى فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا هُوَ الْحَقُّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى الَّذِي ذَكَرْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْخُلْعُ جَائِزٌ بِتَرَاضِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُمَا نُشُوزًا وَلَا إعْرَاضًا وَلَا خَافَا {أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٢٩] وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ.

وَأَمَّا الْخُلْعُ الْفَاسِدُ - فَقَدْ أَجَازَهُ قَوْمٌ: وَمَا أَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً، وَكَيْفَ يَجُوزُ عَمَلٌ فَاسِدٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٨١]

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا - وَهُوَ مُضَارٌّ بِهَا - فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ، وَجَازَ لَهُ مَا أَخَذَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فِي هَذَا الْقَوْلِ عَجَبٌ، لَئِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَمَا يَحِلُّ لَهُ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>