للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ، وَالْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ: أَنْ يُلْزِمَ اللَّهُ تَعَالَى الْعِدَّةَ بِالْأَقْرَاءِ مَنْ لَا قُرْءَ لَهَا حِينَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، أَوْ يُلْزِمَ الْعِدَّةَ بِالْحَمْلِ مَنْ لَيْسَتْ ذَاتَ حَمْلٍ حِينَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا.

كَمَا أَنَّ مِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَ وَقْتِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ، أَوْ الْمَوْتِ، وَبَيْنَ الْعِدَّةِ وَقْتٌ لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ» وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا بِإِسْنَادِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ نَصٌّ جَلِيٌّ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ.

وَأَيْضًا - فَإِنَّ الْقُرْءَ إنَّمَا هُوَ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ مِنْ الطُّهْرِ، فَحَالُهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ وَبَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْمَحِيضِ لَيْسَ قُرْءًا - فَبَطَلَ أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ مَنْ لَمْ تَطْلُقْ فِي اسْتِقْبَالِ قُرْءٍ هِيَ فِيهِ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَ وَلَدُهَا مِنْهُ لَاحِقًا بِهِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ بَعْدُ؟ فَقَدْ قُلْنَا: إنَّ وَطْأَهُ لَهَا لَيْسَ رَجْعَةً، وَلَا طَلَاقًا فَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْهُ.

وَقَدْ ادَّعَى قَوْمٌ الْإِجْمَاعَ هَاهُنَا - وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إيرَادِ كَلِمَةٍ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إنَّمَا جَاءَتْ فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَنْ ثَمَانِيَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ فَقَطْ -: وَهُمْ: عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ - وَمِثْلُ هَذَا لَا يَعُدُّهُ إجْمَاعًا إلَّا مَنْ اسْتَجَازَ الْكَذِبَ عَلَى الْأُمَّةِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُمَّ اسْتَدْرَكْنَا النَّظَرَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>