للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: الْمَعْنَى فِي الْإِحْدَادِ اجْتِنَابُ الزِّينَةِ؟ قُلْنَا: حَاشَا لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهِ لَوْ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ لَمَا عَجَزَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يَقُولُهَا، وَلَا يُطَوِّلُ بِذِكْرِ الصِّبَاغِ إلَّا الْعَصْبَ، وَبِذِكْرِ الطِّيبِ إلَّا الْقُسْطَ، وَالْأَظْفَارَ عِنْدَ الطُّهْرِ، خَاصَّةً، وَبِذِكْرِ الْكُحْلِ، وَالِامْتِشَاطِ، فِي الِاخْتِضَابِ خَاصَّةً، وَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ.

وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ -: أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ أَرَادَ الزِّينَةَ فَلَمْ يُسَمِّهَا، وَلَمْ يُرِدْ إلَّا بَعْضَ الصِّبَاغِ فَسَمَّاهُ عُمُومًا - هَذَا الْبَاطِلُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَالْكَذِبُ الْمَقْطُوعُ بِهِ، وَكُلُّ قَوْلٍ عَرِيَ مِنْ الْبُرْهَانِ فَهُوَ بَاطِلٌ.

فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا قَصَدَ بِالْإِحْدَادِ الْحُزْنَ؟ قُلْنَا: هَذَا الْكَذِبُ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ وَاجِبًا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي لَا حُزْنَ أَوْجَبَ مِنْ الْحُزْنِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ عَلَى الْأَبَوَيْنِ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً أَعْلَنَتْ بِأَنَّهَا لَمْ تُسَرَّ قَطُّ كَسُرُورِهَا بِمَوْتِ زَوْجِهَا لَمَا كَانَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ إثْمٌ، وَلَا مَلَامَةٌ، إذْ لَمْ تُقَصِّرْ فِي حُقُوقِ التَّبَعُّلِ فِي حَيَاتِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْحُزْنِ عَلَيْهِ لَكَانَ مُبَاحًا لَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَالْحُزْنُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَيْسَ مَحْظُورًا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ أَكْثَرَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَهَهُنَا قَوْلٌ آخَرُ - كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ كَانَ يَقُولُ: الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا يَكْتَحِلَانِ وَيَمْتَشِطَانِ وَيَطَّيَّبَانِ، وَيَخْتَضِبَانِ، وَيَنْتَعِلَانِ، وَيَضَعَانِ مَا شَاءَتَا.

وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تُحِدُّ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِمَا - أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَا شُعْبَةُ أَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِي «أَنَّ رَسُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>