للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِيَقِينٍ، فَأَخْذُهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍّ، يَأْخُذُهُ لَهُمَا الْوَلِيُّ أَوْ السُّلْطَانُ، وَهَكَذَا الْغَائِبُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِ حَظِّهِمْ فِي الْقَوَدِ، وَأَخْذِ حَظِّهِمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْعَفْوُ جَائِزٌ وَالْإِبْرَاءُ لِلْغَائِبِ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ جَوَازًا وَاحِدًا، إذْ كُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ تَرْكُهُ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ، وَلَيْسَ هَذَا قِيَاسًا - وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ - لَكِنَّهُ حُكْمٌ وَاحِدٌ فِي حَقَّيْنِ وَجَبَا وُجُوبًا وَاحِدًا، وَوَجَبَ لِمَنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ الْعَفْوُ عَنْهُمَا سَوَاءٌ سَوَاءٌ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا وَالثَّانِي فَرْعًا، بَلْ هُمَا أَصْلَانِ مَعًا، وَلَا أَحَدُهُمَا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، بَلْ كِلَاهُمَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، لِوُجُوبِ الِانْتِصَافِ مِنْ الْقَوَدِ وَمِنْ الْمَالِ - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ عَفْوُ الْأَبِ عَنْ جُرْحِ ابْنه الصَّغِيرِ]

٢٠٨٧ - مَسْأَلَةٌ: عَفْوُ الْأَبِ عَنْ جُرْحِ ابْنه الصَّغِيرِ، أَوْ اسْتِقَادَتُهُ لَهُ أَوْ فِي الْمَجْنُونِ كَذَلِكَ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إذَا وَهَبَ الشَّجَّةَ الصَّغِيرَةَ الَّتِي تُصِيبُ ابْنَهُ جَازَتْ عَلَيْهِ.

قَالَ عَلِيٌّ: تَفْرِيقُ الشَّعْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَ الشَّجَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَا مَعْنَى لَهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] ، وَحَقُّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ قَدْ وَجَبَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْقِطَهُ لَهُ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ كَسْبٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا لَا إشْكَالَ فِيهِ.

وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ وَالْوَلِيِّ أَنْ يَطْلُبَا، وَأَنْ يَقْتَصَّا كُلَّ حَقٍّ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، فِي مَالِهِمَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ، وَلَا لِلْوَلِيِّ، فِي ذَلِكَ عَفْوٌ، وَلَا إبْرَاءٌ - فَهَلَّا قَاسُوا أَمْرَ الْقِصَاصِ لَهُمَا عَلَى أَمْرِ الْمَالِ؟ وَلَكِنَّهُمْ لَا الْقِيَاسَ يُحْسِنُونَ وَلَا النَّصَّ يَتْبَعُونَ

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: ١٩٤] وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>