للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَأَيْت الرَّجُلَ يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ أَيْنَ يُقْتَلُ قَاتِلُهُ؟ قَالَ: حَيْثُ شَاءَ أَهْلُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: فَإِنْ قُتِلَ فِي الْحِلِّ وَلَمْ يُقْتَلْ فِي الْحَرَمِ؟ قَالَ عَطَاءٌ: وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ.

وَبِهِ: إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: شَهْرُ اللَّهِ الْأَصَمُّ رَجَبٌ، قَالَ - فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُعَظِّمُونَ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ، لِأَنَّ الظُّلْمَ فِيهَا أَعْظَمُ قَالَ: وَمَنْ قَتَلَ فِي شَهْرٍ حَلَالٍ أَوْ جَرَحَ لَمْ يُقْتَلْ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ حَتَّى يَجِيءَ شَهْرٌ حَلَالٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٤] .

وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ رَجُلًا جُرِحَ فِي شَهْرٍ حَلَالٍ فَأَرَادَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يُقَيِّدَهُ - وَهُوَ أَمِيرٌ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ - فَأَرْسَلَ إلَيْهِ عُبَيْدُ بْنَ عُمَيْرٍ - وَهُوَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ الدَّارِ: لَا تُقِدْهُ حَتَّى يَدْخُلَ شَهْرٌ حَلَالٌ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا عُبَيْدُ بْنَ عُمَيْرٍ، وَالزُّهْرِيُّ لَا يَرَيَانِ أَنْ يُقَادَ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ مَنْ جَنَى فِي شَهْرٍ حَلَالٍ.

وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ يَرَى مَنْ قَتَلَ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ أَنْ يُقْتَلَ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فَإِنْ قَتَلَ فِي شَهْرٍ حَلَالٍ لَمْ يُقَدْ مِنْهُ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ. فَهَؤُلَاءِ مِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.

قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: ٣٦] فَإِنَّمَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا عَنْ الظُّلْمِ، فَكَانَ الظُّلْمُ فِيهَا أَوْكَدَ مِنْ الظُّلْمِ فِي غَيْرِهَا، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُزَادَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَمْ يَقُلْ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْله تَعَالَى {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٤] فَكَانَ مُوجَبُ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ أَوْ جَرَحَ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فَلَمْ يُظْفَرْ بِهِ إلَّا فِي شَهْرٍ حَلَالٍ، فَإِنَّ وَلِيُّ الِاسْتِقَادَةِ مِنْ الدَّمِ، أَوْ الْجُرْحِ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ تَأْخِيرَهُ إلَى شَهْرٍ حَرَامٍ فَذَلِكَ لَهُ بِنَصِّ الْآيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَهُوَ بَعْضُ حَقِّهِ تَجَافَى عَنْهُ وَلَمْ تَمْنَعْهُ الْآيَةُ مِنْ ذَلِكَ - وَبِهَذَا نَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: ٢١٧] إنَّمَا هَذَا فِي الْقِتَالِ، وَلَيْسَ فِي الْقَوَدِ فِي شَيْءٍ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>