للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ شُرَيْحٍ: يَضْمَنُهَا النَّاخِسُ - وَعَنْ الشَّعْبِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفُوا فِيهَا كَمَا تَرَى: سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ ضَمَّنَ الرَّاكِبَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ ضَمَّنَ النَّاخِسَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: النَّاخِسُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِتَحْرِيكِ الدَّابَّةِ، فَهُوَ ضَامِنٌ مَا أَصَابَتْ، فَفِي الْمَالِ الضَّمَانُ. وَأَمَّا فِي الرَّجُلِ - فَإِنْ كَانَ قَصَدَ إلَى تَحْرِيكِهَا لِتَضْرِبَ إنْسَانًا بِعَيْنِهِ، أَوْ بَعْضَ جَمَاعَةٍ عَلِمَ بِهَا النَّاخِسُ: فَهُوَ قَاتِلٌ عَمْدٌ، وَجَانٍ، عَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَعَلَيْهِ فِي النَّفْسِ الدِّيَةُ، أَوْ الْمُفَادَاةُ - وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّ هُنَالِكَ أَحَدًا: فَهُوَ قَاتِلٌ خَطَأُ، وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ قَتَلَ إنْسَانًا يَجُودُ بِنَفْسِهِ لِلْمَوْتِ]

٢١٠١ - مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ قَتَلَ إنْسَانًا يَجُودُ بِنَفْسِهِ لِلْمَوْتِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا يَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ نا زُهَيْرٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا قَدْ ذَهَبَتْ الرُّوحُ مِنْ نِصْفِ جَسَدِهِ؟ قَالَ: يَضْمَنُهُ.

قَالَ عَلِيٌّ: لَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي أَنَّ مَنْ قَرُبَتْ نَفْسُهُ مِنْ الزَّهُوقِ بِعِلَّةٍ، أَوْ بِجِرَاحَةٍ، أَوْ بِجِنَايَةٍ بِعَمْدٍ، أَوْ خَطَأٍ، فَمَاتَ لَهُ مَيِّتٌ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ - وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِقَ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنْ الْأَحْرَارِ - وَأَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الْكَلَامِ فَأَسْلَمَ - وَكَانَ كَافِرًا - وَهُوَ يُمَيِّزُ بَعْدُ - فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ يَرِثُهُ أَهْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ إنْ عَايَنَ وَشَخَّصَ وَلَوْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ إلَّا نَفَسٌ وَاحِدُ، فَمَاتَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ، فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ الْوَصِيَّةَ، وَيَرِثُهَا عَنْهُ وَرَثَتُهُ.

فَصَحَّ أَنَّهُ حَيٌّ بَعْدُ بِلَا شَكٍّ، إذْ لَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهِمْ، فِي أَنَّهُ لَيْسَ إلَّا حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَسَمِ، فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ، وَكُنَّا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ إعْجَالَ مَوْتِهِ وَغَمِّهِ، وَمَنْعَهُ النَّفَسَ: فَبِيَقِينٍ وَضَرُورَةٍ نَدْرِي أَنَّ قَاتِلَهُ قَاتِلُ نَفْسٍ بِلَا شَكٍّ، فَمَنْ قَتَلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَمْدًا: فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ عَمْدًا، وَمَنْ قَتَلَهُ خَطَأً فَهُوَ قَاتِلٌ خَطَأً - وَعَلَى الْعَامِدِ: الْقَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ، أَوْ الْمُفَادَاةُ، وَعَلَى الْمُخْطِئِ الْكَفَّارَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَكَذَلِكَ فِي أَعْضَائِهِ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>