للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَمَّ تَعَالَى كُلَّ قَتْلٍ، كَمَا ذَكَرَ تَعَالَى، وَجَعَلَ الْعَفْوَ فِي ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ.

وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ» فَذَكَرَ الدِّيَةَ، أَوْ الْقَوَدَ، أَوْ الْمُفَادَاةَ - وَالدِّيَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ بِلَا شَكٍّ، فَعَمّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَمْ يَخُصَّ.

وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ قَتْلَ غِيلَةٍ، أَوْ حِرَابَةٍ، لَمَا أَغْفَلَهُ وَلَا أَهْمَلَهُ وَلَبَيَّنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.

وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَدَّ الْحِرَابَةَ {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] ، فَلَا تَخْلُو هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَنْ تَكُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ، أَوْ التَّخْيِيرِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَالْمَالِكِيُّونَ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا " وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّخْيِيرِ - وَهُوَ قَوْلُهُمْ - فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدْعُونَهُ مِنْ أَنَّ قَاتِلَ الْحِرَابَةِ، وَالْغِيلَةِ لَا خِيَارَ فِيهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ - فَخَرَجَ قَوْلُهُمْ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُتَعَلَّقٌ، أَوْ سَبَبٌ يَصِحُّ، فَبَطَلَ مَا قَالُوهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ خَلْعُ الْجَانِي]

٢١٠٣ - مَسْأَلَةٌ: خَلْعُ الْجَانِي؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الْهَمْدَانِيُّ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ نا الْفَرَبْرِيُّ نا الْبُخَارِيُّ نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نا أَبُو بِشْرٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْأَسَدِيُّ نا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ - مِنْ آلِ أَبِي قِلَابَةَ - نا أَبُو قِلَابَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَمَعَ النَّاسَ - وَفِيهِمْ أَبُو قِلَابَةَ - فَذَكَرَ حَدِيثًا - وَفِيهِ: أَنَّ أَبَا قِلَابَةَ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعَتْ خَلِيعًا لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ الْيَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ فَأَخَذُوا الْيَمَانِيَّ فَرَفَعُوهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَوْسِمِ، وَقَالُوا: قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَالَ: إنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ، فَقَالَ عُمَرُ: يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ، فَأَقْسَمَ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ الشَّامِ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ، فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ، فَدَفَعَهُ عُمَرُ إلَى أَخِي الْمَقْتُولِ فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ - قَالَ: فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إذَا كَانُوا بِنَخْلَةٍ أَخَذَتْهُمْ السَّمَاءُ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْهَدَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، فَمَاتُوا جَمِيعًا، وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>