للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِي الْمَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلًا ثُمَّ مَاتَ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: خَلَعَ قَوْمٌ مِنْ هُذَيْلٍ سَارِقًا لَهُمْ كَانَ يَسْرِقُ الْحَجِيجَ، فَقَالُوا: قَدْ خَلَعْنَاهُ، فَمَنْ وَجَدَهُ بِسَرِقَةٍ فَدَمُهُ هَدَرٌ؟ فَوَجَدَتْهُ رُفْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يَسْرِقُهُمْ فَقَتَلُوهُ، فَجَاءَ قَوْمُهُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَحَلَفُوا: بِاَللَّهِ مَا خَلَعْنَاهُ، وَلَقَدْ كَذَبَ النَّاسُ عَلَيْنَا، فَأَحْلَفَهُمْ عُمَرُ خَمْسِينَ يَمِينًا، ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ بِيَدِ رَجُلٍ مِنْ الرُّفْقَةِ فَقَالَ: أَقْرِنُوا هَذَا إلَى أَحَدِكُمْ حَتَّى يُؤَدِّيَ دِيَةَ صَاحِبِكُمْ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إذَا دَنَوَا مِنْ أَرْضِهِمْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ شَدِيدٌ وَاسْتَتَرُوا بِجَبَلٍ طَوِيلٍ وَقَدْ أَمْسَوْا فَلَمَّا نَزَلُوا كُلُّهُمْ انْقَضَّ عَلَيْهِمْ الْجَبَلُ، فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَا مِنْ رُكَّابِهِمْ إلَّا الشَّرِيدَ، وَصَاحِبَهُ، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَعَهْدُنَا بِالْمَالِكِيِّينَ، وَالْحَنَفِيِّينَ يُعَظِّمُونَ خِلَافَ الصَّاحِبِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ - إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ - وَيَقُولُونَ: إنَّ الْمُرْسَلَ كَالْمُسْنَدِ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْمَرَاسِيلِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْهُمْ، وَلَا نَكِيرَ مِنْ أَحَدِهِمْ، فَيَلْزَمُهُمْ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ يُجِيزُوا خَلْعَ عَشِيرَةِ الرَّجُلِ لَهُ، فَلَا يَكُونُ لَهُمْ طَلَبٌ بِدَمِهِ إنْ قُتِلَ - وَهَذَا مَا لَا يَقُولُونَهُ أَصْلًا - فَقَدْ هَانَ عَلَيْهِمْ خِلَافُ هَذَا الْأَصْلِ.

وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَإِذْ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ إجَازَةُ خَلْعٍ، فَالْخَلْعُ بَاطِلٌ لَا مَعْنَى لَهُ، فَكُلُّ جَانٍ بِعَمْدٍ فَلَيْسَ عَلَى عَشِيرَتِهِ مِنْ جِنَايَتِهِ تَبِعَةٌ، وَكُلُّ جَانٍ بِخَطَأٍ فَكَذَلِكَ، إلَّا مَا أَوْجَبَهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ اسْتَسْقَى قَوْمًا فَلَمْ يَسْقُوهُ حَتَّى مَاتَ]

٢١٠٤ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ اسْتَسْقَى قَوْمًا فَلَمْ يَسْقُوهُ حَتَّى مَاتَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَشْعَثِ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا اسْتَسْقَى عَلَى بَابِ قَوْمٍ؟ فَأَبَوْا أَنْ يَسْقُوهُ، فَأَدْرَكَهُ الْعَطَشُ فَمَاتَ، فَضَمَّنَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ دِيَتِهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْقَوْلُ فِي هَذَا عِنْدَنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - هُوَ أَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَسْقُوهُ إنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا مَاءَ لَهُ أَلْبَتَّةَ إلَّا عِنْدَهُمْ، وَلَا يُمْكِنُهُ إدْرَاكُهُ أَصْلًا حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>