للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَيَضْمَنُ الْمَالَ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّوَابُّ مَقْصُورَةً بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا وَلَا فَرْقَ. وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ الْمَقُودَةِ رَاكِبٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ: لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاكِبِ، إلَّا إنْ حَمَلَهَا أَوْ أَعَانَ، فَهُوَ وَالْقَائِدُ شَرِيكَانِ، وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ كَانَ الْقَائِدُ لَا رَسَنَ بِيَدِهِ، وَلَا عِقَالَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّ شَيْئًا، وَلَا بَاشَرَ فِيمَا أَتْلَفَ مِنْ دَمٍ، أَوْ مَالٍ شَيْئًا أَصْلًا - وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَالْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» .

وَأَمَّا الرَّدِيفُ - فَإِنْ كَانَ يُمْسِكُ الْعِنَانَ هُوَ وَحْدَهُ وَلَا يُمْسِكُهُ الْمُتَقَدِّمُ: فَحَابِسُ الْعِنَانِ هُوَ الضَّامِنُ وَحْدَهُ، وَعَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ الْقَوَدُ، وَفِي الْخَطَأِ الْكَفَّارَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَا ضَمَانَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ، إلَّا أَنْ يُعِينَ فِي ذَلِكَ.

وَأَمَّا السَّائِقُ - فَإِنْ حَمَلَهَا بِضَرْبٍ، أَوْ نَخْسٍ، أَوْ زَجْرٍ عَلَى شَيْءٍ مَا، فَإِنْ عَمَدَ فَالْقَوَدُ وَالضَّمَانُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمِدْ فَهُوَ قَاتِلُ خَطَأٍ كَمَا قُلْنَا، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا عَلَى شَيْءٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ - وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» .

وَمَنْ أَوْثَقَ دَابَّتَهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَهَا وَهُوَ يَمْشِي، وَلَيْسَ كُلُّ مُسِيءٍ ضَامِنًا.

وَقَدْ عَلِمْنَا وَعَلِمَ كُلُّ مُسْلِمٍ: أَنَّ عَامِلَ السِّلَاحِ، وَبَائِعَهَا فِي الْفِتَنِ: فَمُخَالِفٌ ظَالِمٌ، وَمُسِيءٌ، وَمُعِينٌ بِذَلِكَ عَلَى قَتْلِ النَّاسِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّ غَيْرَهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي؟ قِيلَ لَهُمْ: وَالدَّابَّةُ هِيَ الْمُتَوَلِّيَةُ أَيْضًا، وَجُرْحُهَا جُبَارٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَلَّ دَابَّةً، أَوْ طَائِرًا عَنْ رِبَاطِهَا: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا أَصَابَتْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمِدْ، وَلَا بَاشَرَ، وَلَا تَوَلَّى.

وَأَمَّا مَنْ رَكِبَ دَابَّتَهُ وَلَهَا فِلْوٌ يَتْبَعُهَا فَأَصَابَ الْفِلْوُ إنْسَانًا، أَوْ مَالًا: فَهُوَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ عَمَدَ فَالْقَوَدُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمِدْ فَهُوَ قَاتِلٌ خَطَأً.

بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّهُ فِي إزَالَتِهِ أُمَّهُ عِنْدَ مُسْتَدْعٍ لَهُ إلَى الْمَشْيِ وَرَاءَهَا، فَهُوَ مُبَاشِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>