للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَوْ عَقَلَ الْحُلَفَاءُ عَنْ الْحَلِيفِ لَوَجَبَ أَنْ تَعْقِلَ قُرَيْشٌ عَنْ الْأَنْصَارِ، وَالْأَنْصَارُ عَنْ قُرَيْشٍ - وَهَذَا مَا لَا يَقُولُونَهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَوَاجِبٌ أَنْ نَطْلُبَ مَعْرِفَةَ الْوَقْتِ الَّذِي قَطَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ -: فَذُكِرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: إنَّ كُلَّ حِلْفٍ كَانَ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ فَهُوَ مَشْدُودٌ، وَكُلَّ حِلْفٍ كَانَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ فَهُوَ مَنْقُوضٌ؛ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَادَعَ قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَئِذٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ: أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَعَقْدِهَا دَخَلَ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَقْدِهِ دَخَلَ» .

وَقَضَى عُثْمَانُ: أَنَّ كُلَّ حِلْفٍ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَهُوَ جَاهِلِيٌّ ثَابِتٌ، وَكُلَّ حِلْفٍ كَانَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَهُوَ فِي الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مَفْسُوخٌ، قَضَى بِذَلِكَ فِي قَوْمٍ مِنْ بَنِي بَهْزٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ. وَقَضَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ كُلَّ حِلْفٍ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ {لإِيلافِ قُرَيْشٍ} [قريش: ١] فَهُوَ جَاهِلِيٌّ ثَابِتٌ وَكُلَّ حِلْفٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِهَا فَهُوَ إسْلَامِيٌّ مَفْسُوخٌ؛ لِأَنَّ مَنْ حَالَفَ لِيَدْخُلَ فِي قُرَيْشٍ بَعْدَ نُزُولِ {لإِيلافِ قُرَيْشٍ} [قريش: ١] مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ دَاخِلًا فِيهِمْ، قَضَى فِي ذَلِكَ فِي حِلْفِ رَبِيعَةَ الْعُقَيْلِيِّ، فِي جُعْفِيٍّ، وَهُوَ جَدُّ إِسْحَاقَ بْنِ مُسْلِمٍ الْعُقَيْلِيِّ؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ حِلْفٍ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} [النساء: ٣٣] إلَى قَوْلِهِ {فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: ٣٣] فَهُوَ مَشْدُودٌ، وَكُلُّ حِلْفٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِهَا فَهُوَ مَفْسُوخٌ، فَوَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ ذَلِكَ -: فَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّ حَدَّ انْقِطَاعِ الْحِلْفِ إنَّمَا هُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْهِجْرَةِ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ أَنَسًا رَوَى - كَمَا ذَكَرْنَا - أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَالَفَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ» ، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ فِي أَنَّ هَذَا الْحِلْفَ كَانَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ.

وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَحْدِيدِهِ انْقِطَاعَ الْحِلْفِ بِيَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ فَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>