للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمُ الدَّعْوَى، وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاحِدًا - كَانَ أَوْ أَكْثَرَ - يَمِينًا وَاحِدَةً فَقَطْ، فَإِنْ نَكَلَ، أَوْ نَكَلُوا: أُجْبِرُوا عَلَى الْأَيْمَانِ أَحَبُّوا أَمْ كَرِهُوا.

وَهَكَذَا إنْ نَقَصَ عَدَدُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَلَا قَسَامَةَ أَصْلًا، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُحَقِّقْ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ دَعْوَاهُمْ وَعَصَبَتُهُ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنْ لَا بُدَّ أَنْ يُودَى الْمَقْتُولُ - حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا - مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ مِنْ الصَّدَقَاتِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] .

وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ إمَّا أَنْ يُقَادَ أَوْ أَنْ يُعْقَلَ» .

وَلَيْسَ الْقَتْلُ الْوَاقِعُ بَيْنَ النَّاسِ إلَّا خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَقَطْ، وَفِي كِلَيْهِمَا الدِّيَةُ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُكْمِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

وَأَيْضًا - فَإِنَّ الْخَطَأَ يَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ قَاتِلِ الْخَطَأِ مِنْ الْغَارِمِينَ، وَفِي الْعَمْدِ يَكُونُ الْقَاتِلُ إذَا قُبِلَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ غَارِمًا مِنْ الْغَارِمِينَ، فَحَظُّهُمْ فِي سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَاجِبٌ، أَوْ فِي كُلِّ مَالٍ مَوْقُوفٍ لِجَمِيعِ مَصَالِحِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَهَذَا حُكْمُ كُلِّ مَقْتُولٍ بِلَا شَكٍّ، حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ قُتِلَ، لَا عَمْدًا وَلَا خَطَأً، لَكِنْ بِفِعْلِ بَهِيمَةٍ، أَوْ مَنْ لَهُ حُكْمُ الْبَهِيمَةِ مِنْ الْمَجَانِينِ، أَوْ الصِّبْيَانِ، أَوْ أَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ عَمْدًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبَقِيَ فِي الْقَسَامَةِ خَبَرٌ نُورِدُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ مُغْتَرٌّ بِجَهْلِ ضَعْفِهِ، أَوْ بِظَنِّ ظَانٍّ أَنَّهُ أُغْفِلَ وَلَمْ يُذْكَرْ، فَيَكُونُ نَقْصًا مِنْ حُكْمِ السُّنَّةِ فِي الْقَسَامَةِ.

وَهُوَ كَمَا نَاهٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ سَمْعَانَ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً فَلَقُوا الْمُشْرِكِينَ بِإِضَمٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَهُزِمَ الْمُشْرِكُونَ وَغَشِيَ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>