للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يُسْأَلْ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ عَلَى إنْسَانٍ بِزِنَى، فَقَذَفَ ذَلِكَ الزَّانِي إنْسَانٌ فَوَقَفَ الْقَاذِفُ عَلَى أَنْ يُحَدَّ لِلْمَقْذُوفِ، فَفَرْضٌ عَلَى الشَّاهِدِ عَلَى الْمَقْذُوفِ الزَّانِي أَنْ يُؤَدِّيَ الشَّهَادَةَ وَلَا بُدَّ، سُئِلَهَا أَوْ لَمْ يُسْأَلْهَا - عَلِمَ الْقَاذِفُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ - وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى إنْ لَمْ يُؤَدِّهَا حِينَئِذٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] .

وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ» .

وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اُنْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا كَانَ أَوْ مَظْلُومًا» .

فَهَذَا إذَا أَدَّى الشَّهَادَةَ الَّتِي عِنْدَهُ بِصِحَّةِ مَا قَذَفَ بِهِ، مُعِينٌ عَلَى إقَامَةِ حَدٍّ بِحَقٍّ غَيْرُ ظَالِمٍ بِهِ، مُعِينٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى - وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا: مُعِينٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَهُوَ ظَالِمٌ قَدْ أَسْلَمَهُ لِلظُّلْمِ، إذْ تَرَكَهُ يُضْرَبُ بِغَيْرِ حَقٍّ.

فَإِنْ ذَكَرُوا: مَا ناه يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرُهُ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَسُورِ ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُطَرِّفُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: «إنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ: إنَّ الْآخَرَ زَنَى، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ ذَكَرْتَ ذَلِكَ لِغَيْرِي؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَتُبْ إلَى اللَّهِ، وَاسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، فَلَمْ تَقِرَّ نَفْسُهُ حَتَّى أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ كَمَا قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَقِرَّ نَفْسُهُ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ الْآخَرَ زَنَى، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِرَارًا - كُلُّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَنْهُ - حَتَّى إذَا أَكْثَرَ عَلَيْهِ؟ بَعَثَ إلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ: أَيَشْتَكِي، أَبِهِ جِنَّةٌ؟ فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ؟ فَقَالُوا: بَلْ ثَيِّبٌ -: فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُجِمَ. قَالَ سَعِيدٌ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُ هُزَالٌ: لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ» .

قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْت هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هُزَالٍ الْأَسْلَمِيُّ؟ فَقَالَ يَزِيدُ هُزَالٌ جَدِّي - وَهَذَا الْحَدِيثُ حَقٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>