للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحُدُّونَ مَنْ قَذَفَ إنْسَانًا نَكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا لَا يَحِلُّ مِثْلُهُ، وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ - هَذَا وَهُمْ يَحُدُّونَ مَنْ قَذَفَ امْرَأَةً مُسْلِمَةً ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ، وَلَا يَقْطَعُونَ أَنَّهُ مَنْ زَنَى، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْحَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِآخَرَ: زَنَتْ عَيْنُك، أَوْ زَنَتْ يَدُك - وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ الْيَدَيْنِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالْعَيْنَيْنِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ»

وَأَمَّا الْخَمْرُ: فَإِنَّ الْمَالِكِيِّينَ يُقِيمُونَ الْحَدَّ فِيهِ بِالنَّكْهَةِ - وَكُلُّ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ يَدْرِي أَنَّ مَنْ أَكَلَ الْكُمَّثْرَى الشَّتْوِيَّ، وَبَعْضَ أَنْوَاعِ التُّفَّاحِ: أَنَّ نَكْهَةَ فَمِهِ، وَنَكْهَةَ شَارِبِ الْخَمْرِ: سَوَاءٌ - وَأَيْضًا فَلَعَلَّهُ مَلَأَ فَمَهُ مِنْهَا وَلَمْ يَجْرَعْهَا فَبَقِيَتْ النَّكْهَةُ، أَوْ لَعَلَّهُ دُلِّسَ عَلَيْهِ بِهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي، ثُمَّ يَجْلِدُونَ - هُمْ وَالْحَنَفِيُّونَ فِي الْخَمْرِ: ثَمَانِينَ جَلْدَةً، وَجُمْهُورُ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ فِيهَا أَرْبَعُونَ، فَلَمْ يَدْرَءُوا الْأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةَ بِالشُّبْهَةِ، وَلَمْ يُوجِبْهَا قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ

وَيَحُدُّونَ ثَمَانِينَ - كَمَا قُلْنَا - بِفِرْيَةٍ لَمْ يَفْتَرِهَا بَعْدُ، فَيُقَدِّمُونَ لَهُ الْحُدُودَ، وَلَعَلَّهُ لَا يَقْذِفُ أَحَدًا أَبَدًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَنْ يُقَدِّمُوا لَهُ حَدَّ زِنًى لَمْ يَكُنْ مِنْهُ، أَوْ حَدَّ سَرِقَةٍ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ

وَيَحُدُّونَ - هُمْ وَالشَّافِعِيُّونَ: الْفَاضِلَ الْعَالِمَ الْمُتَأَوِّلَ إحْلَالَ النَّبِيذِ الْمُسْكِرِ، وَيَقْبَلُونَ مَعَ ذَلِكَ شَهَادَتَهُ، وَيَأْخُذُونَ الْعِلْمَ عَنْهُ - وَلَا يَحُدُّونَ الْمُتَأَوِّلَ فِي الشِّغَارِ، وَالْمُتْعَةِ - وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ - وَلَا فِي الْخَلِيطَيْنِ - وَإِنْ كَانَ حَرَامًا - كَالْخَمْرَةِ

[مَسْأَلَة اعْتِرَافُ الْعَبْدِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ]

٢١٨٥ - مَسْأَلَةٌ: اعْتِرَافُ الْعَبْدِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] وَالْعَبْدُ مَالٌ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ فَاعْتِرَافُهُ بِمَا يَجِبُ إبْطَالُ بَعْضِ مَالِ سَيِّدِهِ كَسْبٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا احْتِجَاجٌ صَحِيحٌ إنْ لَمْ يَأْتِ مَا يَدْفَعُهُ: فَنَظَرْنَا فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: ١٣٥] فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَبُولِ شَهَادَةِ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَالِدَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>