للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ عَلَى دِينِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِلَّا فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُسِرَ فَتَنَصَّرَ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ تَرِثُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ، وَتَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَدَفْعُ مَالِهِ إلَى وَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا أَعْلَمُهُ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ عَلَى دِينِهِ فِي أَرْضٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مِيرَاثُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ فَقَطْ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ لِأَهْلِ دِينِهِ.

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: النَّاسُ فَرِيقَانِ، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُ سَاعَةَ يَكْفُرُ يُوقَفُ، فَلَا يُقْدَرُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى يُنْظَرَ أَيُسْلِمُ أَمْ يَكْفُرُ؟ مِنْهُمْ النَّخَعِيُّ: وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ - وَفَرِيقٌ يَقُولُ: لِأَهْلِ دِينِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنْ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ فَمَالُهُ لَهُ، وَإِنْ قُتِلَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْكُفَّارِ - قَالَ بِهَذَا رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنْ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ فَمَالُهُ لَهُ، وَإِنْ قُتِلَ فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْكُفَّارِ - قَالَ بِهَذَا أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: إنْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَتَرِثُهُ زَوْجَتُهُ كَسَائِرِ وَرَثَتِهِ، وَإِنْ فَرَّ وَلَحِقَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَتَرَكَ مَالَهُ عِنْدَنَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِذَلِكَ، وَيُعْتِقُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَيَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ جَاءَ مُسْلِمًا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ مَا وَجَدَ فِي أَيْدِي وَرَثَتِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا اسْتَهْلَكُوهُ، هَذَا فِيمَا كَانَ بِيَدِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ - وَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ فَهُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَالُ الْمُرْتَدِّ سَاعَةَ يَرْتَدُّ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ - قُتِلَ، أَوْ مَاتَ، أَوْ لَحِقَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ، أَوْ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ - كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ.

وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ شَعْبَانَ عَنْهُ، وَأَشْهَبُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَكَانَ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>