للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَزَّرَهَا وَحَرَّمَهَا عَلَى الرِّجَالِ - وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ نا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ عَنْ أَبِي عَقْرَبٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي امْرَأَةٌ كَمَا تَرَى، غَيْرِي مِنْ النِّسَاءِ أَجْمَلُ مِنِّي، وَلِي عَبْدٌ قَدْ رَضِيت أَمَانَتَهُ، فَأَرَدْت أَنْ أَتَزَوَّجَهُ؟ فَبَعَثَ عُمَرُ إلَى الْعَبْدِ فَضَرَبَهُ ضَرْبًا، وَأَمَرَ بِالْعَبْدِ فَبِيعَ فِي أَرْضِ غُرْبَةٍ.

وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ سَمْعَانَ قَالَ: كَانَ أَبُو الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ نَكَحَتْ عَبْدَهَا، فَتَلَهَّفَ عَلَيْهَا وَهَمَّ بِرَجْمِهَا، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: لَا يَحِلُّ لَك مِلْكُ يَمِينِك؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْقَوْلُ فِي هَذَا كُلِّهِ وَاحِدٌ، كُلُّ نِكَاحٍ لَمْ يُبِحْهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ عَقْدُهُ، فَإِنْ وَقَعَ، فُسِخَ أَبَدًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ نِكَاحًا صَحِيحًا جَائِزًا، فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ الْوَطْءُ، فَالْعَالِمُ بِتَحْرِيمِهِ زَانٍ عَلَيْهِ الْحَدُّ حَدُّ الزِّنَى كَامِلًا - فَهُوَ أَوْ هِيَ أَوْ كِلَاهُمَا - وَمَنْ كَانَ جَاهِلًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْوَلَدُ فِيهِ لَاحِقٌ لِلْإِجْمَاعِ وَمَنْ قَذَفَ الْجَاهِلَ حُدَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ زَانِيًا، وَلَوْ كَانَ زَانِيًا لَحُدَّ حَدَّ الزِّنَى وَلَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ عَبْدُهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا فَكَمَا قُلْنَا: إنْ كَانَتْ عَالِمَةً أَنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ فَهِيَ زَانِيَةٌ وَتُرْجَمُ، وَيَجْلِدُهَا - إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً - أَوْ تُجْلَدُ وَتُنْفَى - إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ - وَالْعَبْدُ كَذَلِكَ، وَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ، فَإِنْ كَانَتْ جَاهِلَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهَا - أَمَّا التَّفْرِيقُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَمَّا التَّحْرِيمُ عَلَى الرِّجَالِ فَلَا يَحْرُمُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ، وَلَا رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فَإِنْ أَعْتَقَتْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ، لِأَنَّهُ عُلِّقَ بِشَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِذَا بَطَلَ الشَّرْطُ بَطَلَ كُلُّ عَقْدٍ لَمْ يُعْقَدْ إلَّا بِذَلِكَ الشَّرْطِ، وَلَا يَجُوزُ إنْفَاذُ الْعَقْدِ، لِأَنَّ الْعَاقِدَ لَهُ لَمْ يَعْقِدْهُ قَطُّ مُنْفَرِدًا مِنْ الشَّرْطِ، فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ عَقْدٌ لَمْ يَعْقِدْهُ عَلَى نَفْسِهِ قَطُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ.

فَإِنْ أَعْتَقَتْهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا زَوَاجًا صَحِيحًا فَهُوَ جَائِزٌ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَإِنْ قَالُوا: مِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتُمْ الْحَدَّ - وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمْ يَحُدَّ فِي ذَلِكَ - وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُخَالِفٌ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>