للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ حَدُّ الْقَذْفُ]

مَسْأَلَةٌ: حَدُّ الرَّمْيِ بِالزِّنَى - وَهُوَ الْقَذْفُ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] إلَى قَوْله تَعَالَى {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٧٣] .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ يَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا بِأَنْ تَطْلُبَ عِلْمَهَا، وَأَنْ تَعْتَقِدَ، وَأَنْ يُعْمَلَ بِهَا بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ: فَمِنْهَا - مَعْرِفَةُ مَا هُوَ الرَّمْيُ الَّذِي يُوجِبُ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ، مِنْ الْجَلْدِ، وَإِسْقَاطِ الشَّهَادَةِ، وَالْفِسْقِ، وَأَنَّ الْقَذْفَ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَمِنْ الْمُحْصَنَاتِ اللَّوَاتِي يَجِبُ لِرَمْيِهِنَّ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ مِنْ الْجَلْدِ، وَإِسْقَاطِ الشَّهَادَةِ، وَالْفِسْقِ، وَعَدَدِ الْجَلْدِ، وَصِفَتِهِ؟ وَمَنْ الْمَأْمُورُ بِالْجَلْدِ؟ وَمَتَى يَمْتَنِعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، وَفِي مَاذَا يَمْتَنِعُ مِنْ قَبُولِهَا، وَفِسْقِهِمْ، وَمَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا صِفَةُ التَّوْبَةِ مِنْ ذَلِكَ؟

وَنَحْنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى نَذْكُرُ كُلَّ ذَلِكَ - بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى - بِالْبَرَاهِينِ الْوَاضِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَنِ الثَّابِتَةِ فِي ذَلِكَ - وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.

٢٢٢٨ - مَسْأَلَةٌ: مَا الرَّمْيُ، وَالْقَذْفُ؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْحُكْمَ بِاسْمِ " الرَّمْيِ " فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَصَحَّ أَنَّ " الْقَذْفَ، وَالرَّمْيَ " اسْمَانِ لِمَعْنًى وَاحِدٍ: لِمَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ نا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - أَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى - هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى السُّلَمِيُّ - قَالَ: «سُئِلَ هِشَامٌ - هُوَ ابْنُ حَسَّانَ - عَنْ الرَّجُلِ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ؟ فَحَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ - قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ ذَلِكَ - وَأَنَا أَرَى أَنَّ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمًا - فَقَالَ: إنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، وَكَانَ أَخَا الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَاعَنَ، فَلَاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ أَبْصِرُوهُ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ، نَضَّ الْعَيْنَيْنِ، فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ. قَالَ أَنَسٌ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>