للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْمِ لُوطٍ، فَإِنْ كَانَ زَنَى فَالْوَاجِبُ فِي الرَّمْيِ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ بِالزِّنَى، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ زَنَى فَلَا يَجِبُ فِي الرَّمْيِ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ بِالزِّنَا - وَسَنَسْتَقْصِي الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابٍ مُفْرَدٍ لَهُ إثْرَ كَلَامِنَا فِي حَدِّ السَّرِقَةِ، وَحَدِّ الْخَمْرِ - وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ - وَهُوَ لَيْسَ عِنْدَنَا زِنًا فَلَا حَدَّ فِي الرَّمْيِ بِهِ. وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَهُوَ عِنْدَهُمَا زِنًا أَوْ مَقِيسٌ عَلَى الزِّنَا فَالْحَدُّ عِنْدَهُمَا فِي الْقَذْفِ بِهِ. وَأَمَّا مَالِكٌ، وَالْأَشْهَرُ مِنْ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ فَهُوَ عِنْدَهُمْ خَارِجٌ مِنْ حُكْمِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ فِيهِ الرَّجْمَ - أَحْصَنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ - فَإِذْ هُوَ عِنْدَهُمْ لَيْسَ زِنًا، وَإِنَّمَا حُكْمُهُ الْمُحَارَبَةُ أَوْ الرِّدَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِ إحْصَانٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ - عَلَى قَوْلِهِمَا - أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ حَدُّ الزِّنَا - وَهُوَ مِمَّا تَنَاقَضُوا فِيهِ أَفْحَشَ تَنَاقُضٍ، فَلَمْ يَتَّبِعُوا فِيهِ نَصًّا وَلَا قِيَاسًا. فَإِنْ قَالُوا: إنَّ الرَّمْيَ بِذَلِكَ حُرِّمَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَإِثْمٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ حَرَامٍ، وَإِثْمٍ: تَجِبُ فِيهِ الْحُدُودُ، فَالْغَصْبُ حَرَامٌ وَلَا حَدَّ فِيهِ، وَأَكْلُ الْخِنْزِيرِ حَرَامٌ وَلَا حَدَّ فِيهِ، وَالرَّمْيُ بِالْكُفْرِ حَرَامٌ وَلَا حَدَّ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ لِآخَرَ: يَا مُخَنَّثٌ فَإِنَّ الْقَاضِي حُمَامَ بْنَ أَحْمَدَ قَالَ: نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا يَهُودِيُّ، فَاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ، وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا مُخَنَّثُ فَاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَالْمُرْسَلُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ. ثُمَّ هُوَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى - وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ. وَلَوْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَأَوْجَبْنَاهُ حَدًّا، وَلَكِنَّهُ لَا يَصِحُّ، فَلَا يَجِبُ الْقَوْلُ بِهِ، وَلَا حَدَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرُوا - وَإِنَّمَا هُوَ التَّعْزِيرُ فَقَطْ لِلْأَذَى؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ، وَتَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ، لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

[مَسْأَلَة فِيمَنْ رَمَى إنْسَانًا بِبَهِيمَةٍ]

٢٢٤١ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ رَمَى إنْسَانًا بِبَهِيمَةٍ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>