للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً وَامْرَأَتَهُ ثُمَّ زَنَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ وَامْرَأَتُهُ بَعْدَ الْقَذْفِ]

مَسْأَلَةٌ: مَنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً وَامْرَأَتَهُ، ثُمَّ زَنَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ وَامْرَأَتُهُ بَعْدَ الْقَذْفِ، فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ كَامِلًا لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا بُدَّ - وَيُلَاعِنُ وَلَا بُدَّ - إنْ أَرَادَ أَنْ يَنْفِيَ حَمْلَ زَوْجَتِهِ، أَوْ إنْ ثَبَتَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، فَإِنْ أَبَى - وَقَدْ جُلِدَ لِلْأَجْنَبِيَّةِ - فَالْحَمْلُ لَاحِقٌ بِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى زَوْجَتِهِ - لَا لِعَانَ، وَلَا حَدَّ، وَلَا حَبْسَ - وَلَا عَلَيْهِ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُدَّ. وَإِنْ كَانَ لَمْ يُجْلَدْ، لَاعَنَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَنْفِيَ الْحَمْلَ عَنْهُ، فَإِنْ أَبَى جُلِدَ الْحَدَّ فَإِنْ الْتَعَنَ وَالْتَعَنَتْ الْمَرْأَةُ: جُلِدَ حَدَّ الزِّنَا. وَجُمْلَةُ هَذَا - أَنَّ مَنْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ ثُمَّ زَنَى الْمَقْذُوفُ: لَمْ يُسْقِطْ ذَلِكَ الزِّنَا مَا قَدْ وَجَبَ مِنْ الْحَدِّ عَلَى قَاذِفِهِ؛ لِأَنَّهُ زِنًا غَيْرُ الَّذِي رَمَاهُ بِهِ، فَهُوَ إذَا رَمَى رَامٍ مُحْصَنًا أَوْ مُحْصَنَةً: فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا بُدَّ - وَلَا يَسْقُطُ حَدٌّ قَدْ وَجَبَ إلَّا بِنَصٍّ، أَوْ إجْمَاعٍ، وَلَا نَصَّ، وَلَا إجْمَاعَ هَاهُنَا أَصْلًا عَلَى سُقُوطِهِ، بَعْدَ وُجُوبِهِ بِنَصٍّ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الزَّوْجَةِ وَلَا فَرْقَ: أَنَّهُ يُجْلَدُ لَهَا لِلْقَذْفِ - وَإِنْ زَنَتْ - إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ، وَتُحَدُّ هِيَ لِلزِّنَى وَلَا بُدَّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة قَالَ لِآخَرَ يَا زَانٍ فَقَالَ لَهُ إنْسَانٌ صَدَقْت أَوْ نَعَمْ]

٢٢٥٠ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ قَالَ لِآخَرَ: يَا زَانٍ؟ فَقَالَ لَهُ إنْسَانٌ: صَدَقْت، أَوْ قَالَ: نَعَمْ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَجَمِيعَ أَصْحَابِهِ - إلَّا زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ - قَالُوا: لَا حَدَّ عَلَى الْقَائِلِ: صَدَقْت - قَالُوا: فَلَوْ قَالَ لَهُ: صَدَقْت، هُوَ كَمَا قُلْت؟ حُدَّا جَمِيعًا - قَالَ زُفَرُ فِي كِلْتَا الْمَسْأَلَتَيْنِ: يُحَدَّانِ جَمِيعًا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ فِي قَوْلٍ لَهُ: صَدَقْت، يُمْكِنُ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي غَيْرِ رَمْيِهِ بِالزِّنَا؟ قِيلَ لَهُ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: صَدَقْت، هُوَ كَمَا قُلْت؟ مُمْكِنٌ أَنْ يَعْنِيَ بِذَلِكَ قَوْلًا آخَرَ قَالَهُ هَذَا الْقَاذِفُ مِنْ غَيْرِ الْقَذْفِ، وَلَا فَرْقَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - إنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ أَنَّ الْقَائِلَ: صَدَقْت، أَوْ نَعَمْ، أَوْ هُوَ كَمَا قُلْت، أَوْ إي وَاَللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ الْقَذْفَ وَفَهِمَهُ، فَهُوَ مُقِرٌّ بِلَا شَكٍّ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ. وَكَذَلِكَ مَنْ قِيلَ لَهُ: أَبِعْت دَارَك مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ قَالَ: صَدَقْت، أَوْ قَالَ: إي وَاَللَّهِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا: فَإِنَّهُ إقْرَارٌ صَحِيحٌ بِلَا شَكٍّ - أَوْ قَالَ ذَلِكَ مُجَاوِبًا لِمَنْ قَالَ لَهُ: طَلَّقْت امْرَأَتَك، أَوْ أَنْكَحْت فُلَانَةَ، أَوْ وَهَبْت امْرَأً كَذَا وَكَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>