للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَعَاهَا، فَقَالَتْ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا اسْتَعَرْتُ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَ: اذْهَبُوا فَخُذُوهُ مِنْ تَحْتِ فِرَاشِهَا، فَأُخِذَ، وَأَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ» .

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي بِشْرُ بْنُ تَمِيمٍ أَنَّهَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لَا آخُذُ غَيْرَهَا، لَا آخُذُ غَيْرَهَا، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «سَرَقَتْ امْرَأَةٌ، فَأُتِيَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: أَيْ إنَّهَا عَمَّتِي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» .

قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: فَلَمْ أَشُكَّ حِين قَالَ حَسَنٌ: قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إنَّهَا عَمَّتِي، إنَّهَا بِنْتُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَهَذَا ابْنُ جُرَيْجٍ يَحْكِي عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّهُ لَا يَشُكُّ أَنَّ الَّتِي سَرَقَتْ بِنْتَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ، وَيُخْبِرُ عَنْ بِشْرٍ التَّيْمِيِّ أَنَّ الَّتِي اسْتَعَارَتْ هِيَ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ، وَهُمَا ابْنَتَا عَمٍّ مَخْزُومِيَّتَانِ، عَمُّهُمَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - زَوْجُ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.

وَلَكِنَّا نَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: هَبْكَ أَنَّهَا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقِصَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَلَا حُجَّةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ ذِكْرَ السَّرِقَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ لَفْظِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، لَا مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الِاسْتِعَارَةِ، وَإِنَّمَا لَفْظُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُهَا» .

فَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى وَجْهَيْنِ، يَعْنِي ذِكْرَ السَّرِقَةِ:

أَحَدُهُمَا - أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي يَرَى أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ سَرِقَةٌ، فَيُخْبِرُ عَنْهَا بِلَفْظِ السَّرِقَةِ.

وَالْوَجْهُ الْآخَرُ - هُوَ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ، ثُمَّ الْجَحْدَ سَرِقَةٌ صَحِيحَةٌ لَا مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إذَا أَتَى عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ مُسْتَخِفٌّ بِأَخْذِ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، يُوَرِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>