للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ صَحَّ أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِهِ فِي الرَّابِعَةِ، وَلَمْ يَصِحَّ نَسْخُهُ، وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ - وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.

[مَسْأَلَة هَلْ يحد شَارِب الخلطين]

٢٢٩٣ - مَسْأَلَةٌ: الْخَلِيطَيْنِ؟ قَدْ ذَكَرْنَا " فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ " أَنَّ التَّمْرَ وَالرُّطَبَ، وَالزَّهْوَ وَالْبُسْرَ، وَالزَّبِيبَ، هَذِهِ الْخَمْسَةُ - خَاصَّةٌ دُونَ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ - يَحِلُّ أَنْ يُنْبَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى انْفِرَادِهِ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُنْبَذَ شَيْءٌ مِنْهَا مَعَ شَيْءٍ آخَرَ - لَا مِنْهَا وَلَا مِنْ سَائِرِهَا - فِي الْعَالَمِ.

وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُخْلَطَ نَبِيذُ شَيْءٍ - بَعْدَ طِيبِهِ أَوْ قَبْلَ طِيبِهِ - لَا بِشَيْءٍ آخَرَ وَلَا بِنَبِيذِ شَيْءٍ آخَرَ - لَا مِنْهَا وَلَا مِنْ غَيْرِهَا - أَصْلًا، وَأَمَّا مَا عَدَا هَذِهِ الْخَمْسَةَ فَجَائِزٌ أَنْ يُنْبَذَ مِنْهَا الشَّيْئَانِ وَالْأَكْثَرُ مَعًا، وَأَنْ يُخْلَطَ نَبِيذُ اثْنَيْنِ مِنْهَا فَصَاعِدًا أَوْ عَصِيرُ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَبَيَّنَّا السُّنَنَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ، فَمَنْ شَرِبَ مِنْ الْخَلِيطِينَ الْمُحَرَّمَيْنِ مِمَّا ذَكَرْنَا شَيْئًا لَا يُسْكِرُ فَقَدْ شَرِبَ حَرَامًا كَالدَّمِ، وَالْبَوْلِ، وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ خَمْرًا، وَلَا حَدَّ إلَّا فِي الْخَمْرِ.

لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ» وَلِلْآثَارِ الثَّابِتَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - جَلَدَ فِي الْخَمْرِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» فَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَمْرًا فَلَا حَدَّ فِيهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ التَّعْزِيرُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَتَى مُنْكَرًا.

وَأَمَّا كُلُّ خَلِيطَيْنِ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ إذَا أَسْكَرَ فَهُوَ خَمْرٌ، وَعَلَى شَارِبِهِ حَدُّ الْخَمْرِ، لِمَا ذَكَرْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقَ.

[مَسْأَلَة مَتَى يحد السَّكْرَان]

٢٢٩٤ - مَسْأَلَةٌ: مَتَى يُحَدُّ السَّكْرَانُ؟ أَبْعَدَ صَحْوِهِ أَمْ فِي حَالِ سُكْرِهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا: فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّعْبِيِّ، أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يُحَدُّ حَتَّى يَصْحُوَ، وَبِهِ - قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>