للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْلَدُ حِينَ يُؤْخَذُ.

وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ قَالَ: يُؤَخَّرُ حَتَّى يَصْحُوَ إلَّا أَنْ قَالُوا: إنَّ الْجَلْدَ تَنْكِيلٌ وَإِيلَامٌ، وَالسَّكْرَانُ لَا يَعْقِلُ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاحْتَجَّ مِنْ رَأَى أَنَّ الْحَدَّ حِينَ يُؤْخَذُ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ عُتْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِمْ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِالشَّارِبِ فَأَقَرَّ، فَضَرَبَهُ وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَنْ يَصْحُوَ» .

وَالنَّظَرُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْخَبَرِ الثَّابِتِ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُحَدَّ حِينَ يُؤْتَى بِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يُحِسَّ أَصْلًا، وَلَا يَفْهَمَ شَيْئًا، فَيُؤَخَّرُ حَتَّى يُحِسَّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة فِيمَنْ جَالَسَ شُرَّابَ الْخَمْرِ أَوْ دَفَعَ ابْنَهُ إلَى كَافِرٍ فَسَقَاهُ خَمْرًا]

٢٢٩٥ - مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ جَالَسَ شُرَّابَ الْخَمْرِ، أَوْ دَفَعَ ابْنَهُ إلَى كَافِرٍ فَسَقَاهُ خَمْرًا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّ ابْنَ عَامِرٍ قَالَ: لَا أُوتَى بِرَجُلٍ دَفَعَ ابْنَهُ إلَى يَهُودِيٍّ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ، فَسَقَاهُ خَمْرًا إلَّا جَلَدْتُ أَبَاهُ الْحَدَّ.

وَبِهِ - إلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أُتِيَ بِرَجُلٍ صَائِمٍ دَعَا قَوْمًا فَسَقَاهُمْ الْخَمْرَ - وَلَمْ يَشْرَبْ مَعَهُمْ - فَجُلِدُوا الْحَدَّ، وَجَلَدَهُ مَعَهُمْ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَيْسَ هَذَا مِمَّا يُعْبَأُ بِهِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .

وَقَدْ بَيَّنَّا - أَنْ لَا حَدَّ إلَّا عَلَى زَانٍ، أَوْ مُرْتَدٍّ، أَوْ مُحَارِبٍ، وَقَاذِفٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ مُسْتَعِيرٍ جَاحِدٍ، أَوْ شَارِبِ خَمْرٍ.

وَأَمَّا مَنْ سَقَى غَيْرَهُ الْخَمْرَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَشَرَتَهُ حَرَامٌ، وَلَمْ يَأْتِ بِإِبَاحَتِهَا بِإِيجَابِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، لَا قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلَا سَقِيمَةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>