للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَنْهُمْ " فَنَعَمْ، لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُصَلٍّ إلَّا بِنَصٍّ وَارِدٍ فِي قَتْلِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ لِقَتْلِ مَنْ لَيْسَ مُصَلِّيًا إذَا أَقَرَّ بِالصَّلَاةِ، أَصْلًا.

وَقَدْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُنْسَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْ. وَيُقَالُ لِمَنْ جَسَرَ عَلَى هَذَا: أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الَّذِي تَقُولُ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، كُذِّبَ جِهَارًا، وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَقُلْ، لَكِنَّهُ دَلَّ عَلَيْهِ؟ قِيلَ لَهُ: أَيْنَ دَلِيلُك عَلَى ذَلِكَ؟ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى دَلِيلٍ أَصْلًا، إلَّا ظَنَّهُ الْكَاذِبَ - فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ دَلِيلٌ أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ وَلَا مِنْ إجْمَاعٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ صَحِيحٍ - وَمَا كَانَ هَكَذَا مِنْ الْأَقْوَالِ فَهُوَ خَطَأٌ بِلَا شَكٍّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا الْكَلَامُ كُلُّهُ إنَّمَا هُوَ مَعَ مَنْ قَالَ بِقَتْلِهِ، وَهُوَ عِنْدَهُ غَيْرُ كَافِرٍ - وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِ بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا، فَلَيْسَ هَذَا مَكَانُ الْكَلَامِ فِيهِ مَعَهُمْ، فَسَيَقَعُ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ مُتَقَصًّى فِي " كِتَابِ الْإِيمَانِ " مِنْ الْجَامِعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَإِذْ قَدْ بَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ فَإِنَّا نَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: إنَّهُ قَدْ صَحَّ - عَلَى مَا ذَكَرْنَا - فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ إنْ اسْتَطَاعَ» فَكَانَ هَذَا أَمْرًا بِالْأَدَبِ عَلَى مَنْ أَتَى مُنْكَرًا - وَالِامْتِنَاعُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَمِنْ الطَّهَارَةِ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَمِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ، وَمِنْ الزَّكَاةِ، وَمِنْ الْحَجِّ، وَمِنْ أَدَاءِ جَمِيعِ الْفَرَائِضِ كُلِّهَا وَمِنْ كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ - بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ - كُلُّ ذَلِكَ مُنْكَرٌ، بِلَا شَكٍّ وَبِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَالْحَرَامُ مُنْكِرٌ بِيَقِينٍ.

فَصَحَّ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إبَاحَةُ ضَرْبِ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا بِالْيَدِ.

وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يَضْرِبَ فِي التَّعْزِيرِ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ عَلَى مَا نُورِدُ فِي " بَابِ كَمْ يَكُونُ التَّعْزِيرُ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>