للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَذَانِ؛ فَإِذَا تَرَكَهُ عَلَى الْخَطَأِ، وَلَمْ يَنْهَهُ زَادَ فِي إضْلَالِهِ، بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِأَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ رَافِعًا صَوْتَهُ، وَلَا يُعْلِمُهُ أَنَّ تَكْرَارَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْأَذَانِ وَمَا نَدْرِي كَيْفَ يَنْطَلِقُ بِهَذَا لِسَانُ مُسْلِمٍ أَوْ يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُهُ؟ .

فَكَيْفَ وَالْآثَارُ - الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ - جَاءَتْ مُبَيِّنَةً بِأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَهُ الْأَذَانَ كَذَلِكَ نَصًّا؛ كَلِمَةً كَلِمَةً، تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً فَوَضَحَ كَذِبُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ جِهَارًا؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَا رَأَيْنَا مَا كَانَ فِي الْأَذَانِ فِي مَوْضِعَيْنِ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي عَلَى نِصْفِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ -: أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ " أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " مَرَّتَيْنِ، وَيُقَالُ فِي آخِرِهِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " مَرَّةً وَكَانَ التَّكْبِيرُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فِي الْأَذَانِ، وَكَانَ التَّكْبِيرُ فِي آخَرِ الْأَذَانِ مَرَّتَيْنِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ أَرْبَعًا.

قَالَ عَلِيٌّ: إذَا كَانَ هَذَا الْهَوَسُ عِنْدَكُمْ حَقًّا فَإِنَّ التَّكْبِيرَ مُرَبَّعٌ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ كَمَا تَقُولُ؛ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ " أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " مُرَبَّعًا أَيْضًا فِي التَّكْبِيرِ، وَأَنْ لَا يُثَنَّى مِنْ الْأَذَانِ إلَّا مَا اُتُّفِقَ عَلَى أَنْ يُثَنَّى، كَمَا لَا يُفْرَدُ مِنْهُ إلَّا مَا اُتُّفِقَ عَلَى إفْرَادِهِ، وَهُوَ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " فَقَطْ؛ فَيَكُونُ أَوَّلُ الْأَذَانِ ثَلَاثَ قَضَايَا مُرَبَّعَاتٍ، ثُمَّ يَتْلُوهَا ثَلَاثُ قَضَايَا مُثَنَّيَاتٍ؛ ثُمَّ تُوتِرُ ذَلِكَ قَضِيَّةٌ سَابِعَةٌ مُفْرَدَةٌ؛ فَهَذَا هَذْرٌ أَفْلَحُ مِنْ هَذْرِكُمْ؛ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْتَزِمُوهُ وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ إذَا قَاسُوا الْمُسْتَحَاضَةَ عَلَى الْمُصَرَّاةِ، وَالنَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] وَالْمَرْأَةَ ذَاتَ الزَّوْجِ فِي مَالِهَا عَلَى الْمَرِيضِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ الْمَوْتَ؛ وَفَرْجَ الْمُتَزَوِّجَةِ عَلَى يَدِ السَّارِقِ؛ وَسَائِرَ تِلْكَ الْقِيَاسَاتِ الَّتِي لَا شَيْءَ أَسْقَطَ مِنْهَا وَلَا أَغَثَّ.

فَهَذَانِ الْقِيَاسَانِ أَدْخَلُ فِي الْمَعْقُولِ عِنْدَ كُلِّ ذِي مَسْكَةِ عَقْلٍ؛ فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَلْتَزِمُوهَا إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْقِيَاسِ؛ وَإِلَّا فَلْيَتْرُكُوا تِلْكَ الْمُقَايِسَ السَّخِيفَةَ؛ فَهُوَ أَحْظَى لَهُمْ فِي الدِّينِ وَأَدْخَلُ فِي الْمَعْقُولِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ: لَمَّا كَانَتْ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " تُقَالُ فِي آخِرِ الْأَذَانِ مَرَّةً وَاحِدَةً -: وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْإِقَامَةُ كُلُّهَا كَذَلِكَ، إلَّا مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ فِيهَا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>