للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ؛ وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] .

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ: - أَيْ نَجَاسَةٌ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَامِدًا كَانَ أَوْ نَاسِيًا؟ فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ فَأَقَلَّ؛ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ فِي الْعَمْدِ؛ وَالنِّسْيَانِ؟ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ، وَكَانَتْ فِي مَوْضِعِ وَضْعِ يَدَيْهِ، أَوْ فِي مَوْضِعِ وَضْعِ رُكْبَتَيْهِ، أَوْ حِذَاءِ إبِطَيْهِ: فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ فِي الْعَمْدِ، وَالنِّسْيَانِ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ إذَا كَانَتْ فِي مَوْضِعِ وُقُوعِ جَبْهَتِهِ فِي السُّجُودِ.

فَمَرَّةً قَالَ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ فِي الْعَمْدِ، وَالنِّسْيَانِ، وَمَرَّةً قَالَ: صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ فِي الْعَمْدِ، وَالنِّسْيَانِ؛ وَبِهِ يَقُولُ زُفَرُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ: فَسَدَتْ تِلْكَ السَّجْدَةُ - وَحْدَهَا خَاصَّةً - وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْهَا؟ وَإِنْ سَجَدَهَا مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ - وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى أَتَمَّ صَلَاتَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كُلُّهَا؟ وَكَانَتْ حُجَّتُهُمْ فِي هَذَا أَسْقَطَ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ لَمْ يَضَعْ يَدَيْهِ وَلَا رُكْبَتَيْهِ فِي السُّجُودِ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ صَلَاتَهُ شَيْئًا بِخِلَافِ قَدَمَيْهِ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا احْتِجَاجٌ لِلْبَاطِلِ بِأَشْنَعَ مَا يَكُونُ مِنْ الْبَاطِلِ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِخْفَافٌ بِالصَّلَاةِ، وَيَلْزَمُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنْ تَتِمَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ لِغَيْرِ عُذْرٍ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَمَنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ إلَّا أَنَّهَا فِي مَوْضِعٍ يُسَجِّيهِ، وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ جِسْمِهِ، فَإِنْ كَانَ إذَا تَحَرَّكَ فِي صَلَاتِهِ لِقِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ تَحَرَّكَتْ النَّجَاسَةُ -: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا؟ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْمُصَلِّي الْمُبَطِّنُ بِمَنْزِلَةِ ثَوْبٍ وَاحِدٍ، إنْ كَانَ فِي الْبَاطِنَةِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ غَيْرِ نَافِذَةٍ إلَى الْوَجْهِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا تَبْطُلُ، وَهُمَا ثَوْبَانِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ أَقْوَالٌ يَنْبَغِي حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهَا، وَلَا مَزِيدَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>