للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يُجِيزُوا الصَّلَاةَ إذَا اُفْتُتِحَتْ بِ " اللَّهُ أَعْلَمُ ". وَهَذَا تَخْلِيطٌ وَهَدْمٌ لِلْإِسْلَامِ، وَشَرَائِعُ جَدِيدَةٌ فَاسِدَةٌ، قَالَ عَلِيٌّ: وَاحْتَجَّ مُقَلِّدُوهُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: ١٤] {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٥] . قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَمَلُ الصَّلَاةِ وَصِفَتُهَا وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ: فِيهِ عَمَلُ الصَّلَاةِ الَّتِي لَا تُجْزِئُ إلَّا بِهِ، فَلَا يُعْتَرَضُ بِالْآيَةِ عَلَيْهِ؛ بَلْ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ أَنَّ ذَلِكَ الذِّكْرَ لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ غَيْرُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {فَصَلَّى} [الأعلى: ١٥] فَعَطَفَ الصَّلَاةَ عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ؛ فَصَحَّ أَنَّهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] فَهَذَا الذِّكْرُ لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْقَصْدُ إلَيْهِ تَعَالَى بِالنِّيَّةِ فِي أَدَائِهَا لَهُ عَزَّ وَجَلَّ

[مَسْأَلَةٌ التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاة]

٣٥٧ - مَسْأَلَةٌ: وَيُجْزِئُ فِي التَّكْبِيرِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَاَللَّهُ الْأَكْبَرُ، وَالْأَكْبَرُ اللَّهُ، وَالْكَبِيرُ اللَّهُ، وَاَللَّهُ الْكَبِيرُ، وَالرَّحْمَنُ أَكْبَرُ - وَأَيُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ذَكَرْنَا بِالتَّكْبِيرِ. وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " فَكَبِّرْ ". وَكُلُّ هَذَا تَكْبِيرٌ، وَلَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَفْظُ: " التَّكْبِيرِ "؛ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَدَاوُد وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُ إلَّا " اللَّهُ أَكْبَرُ " وَهَذَا تَخْصِيصٌ لِلتَّكْبِيرِ بِلَا بُرْهَانٍ، وَقَدْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ: أَنَّ فِي الْحَدِيثِ: " إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَقُلْ: اللَّهُ أَكْبَرُ " قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا بَاطِلٌ مَا عُرِفَ قَطُّ؛ وَلَوْ وَجَدْنَاهُ صَحِيحًا لَقُلْنَا بِهِ. فَإِنْ قَالُوا: بِهَذَا جَرَى عَمَلُ النَّاسِ، قُلْنَا لَهُمْ: مَا جَرَى عَمَلُ النَّاسِ إلَّا بِتَرْتِيبِ الْوُضُوءِ كَمَا فِي الْآيَةِ، وَأَنْتُمْ تُجِيزُونَ تَنْكِيسَهُ، وَمَا جَرَى عَمَلُ النَّاسِ قَطُّ فِي الْوُضُوءِ إلَّا بِالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ مَعَ صِحَّتِهِ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: مَنْ تَرَكَهَا فَوُضُوءُهُ تَامٌّ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ؛ وَمَا جَرَى عَمَلُ النَّاسِ قَطُّ إلَّا بِقِرَاءَةِ سُورَةٍ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصُّبْحِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْبَوَاقِي، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إنْ تَرَكَ السُّورَةَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ. وَمَا جَرَى عَمَلُ الْأُمَّةِ إلَّا بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>