للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ إيجَابُ التَّسْلِيمِ فَرْضًا كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدُّ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَانْقِضَاؤُهَا التَّسْلِيمُ فَوَضَحَ بِهَذَا أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ إمَّا أَنَّهَا مِمَّنْ بَعْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَإِمَّا أَنَّهَا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْسُوخَةٌ، وَالْحُجَّةُ كُلُّهَا فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا مَنْ رَأَى تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَكَرِهَ مَا زَادَ، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِأَخْبَارٍ -: مِنْهَا - مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمُصْعَبِ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعْدٍ. وَالثَّابِتُ مِنْ طَرِيقِ سَعْدٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ» . وَبِآثَارٍ وَاهِيَةٍ -: مِنْهَا - مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ؛ وَكِلَاهُمَا مَجْهُولٌ أَوْ مُرْسَلٌ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ - أَوْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زُهَيْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَهُوَ سَاقِطٌ وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ أَحَادِيثُ التَّسْلِيمَتَيْنِ زِيَادَةً يَكُونُ الْفَضْلُ فِي الْأَخْذِ بِهَا فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ: حَدِيثَ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى الْجَانِبَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ إنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ» . قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا إنْ كَانَ فِي السَّلَامِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِلَا شَكٍّ، بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» . وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّهُ مُحْكَمٌ؛ ثُمَّ ادَّعَى قَوْمٌ تَخْصِيصَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ النَّاسِخُ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلُ مِنْ إبَاحَةِ التَّسْلِيمِ وَرَدِّهِ فِي الصَّلَاةِ؛ فَصَحَّ أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>