للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا خَطَأٌ لِمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ اعْتَدَّ لَهُ بِقِيَامٍ فَاسِدٍ وَرُكُوعٍ فَاسِدٍ وَرَفْعٍ فَاسِدٍ، وَضَعَ كُلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَحِلُّ لَهُ؛ وَحَيْثُ لَوْ وَضَعَهُ عَامِدًا لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ، وَأَلْغَى لَهُ قِيَامًا وَرُكُوعًا وَرَفْعًا وَسَجْدَةً أَدَّاهَا بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ مَعَهُمْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ: أَرَدْنَا أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِعَمَلٍ قُلْنَا: قَدْ أَجَزْتُمْ لَهُ أَنْ يَحُولَ بَيْنَ الْإِحْرَامِ لِلصَّلَاةِ وَبَيْنَ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِهَا بِعَمَلٍ أَبْطَلْتُمُوهُ، فَمَا الْفَرْقُ وَقَدْ حَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَعْمَالِ صَلَاتِهِ نَاسِيًا بِمَا لَيْسَ مِنْهَا، مِنْ سَلَامٍ وَكَلَامٍ وَمَشْيٍ وَاتِّكَاءٍ وَدُخُولِهِ مَنْزِلَهُ، وَلَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ مَا عَمِلَ مِنْ صَلَاتِهِ شَيْئًا؛ فَالْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَتْ بِنِسْيَانٍ لَا تَضُرُّ فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِالسَّجْدَةِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَإِنَّمَا نَوَاهَا مِنْ الثَّانِيَةِ، وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ قُلْنَا لَهُمْ: هَذَا لَا يَضُرُّ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَوَى بِالْجَلْسَةِ الَّتِي سَلَّمَ مِنْهَا أَنَّهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ، وَهِيَ مِنْ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ اعْتَدَّ بِهَا لِلثَّانِيَةِ، وَكَذَلِكَ أَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ لَمْ يَدْرِ كَمْ رَكْعَةً صَلَّى أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ التَّمَامِ، وَعَلَى شَكٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ، فَالْمُصَلِّي عَلَى هَذَا يَنْوِي بِالرَّكْعَةِ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ وَلَعَلَّهَا رَابِعَةٌ، وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: هَذَا نَفْسُهُ لَازِمٌ لَكُمْ؛ لِأَنَّهُ نَوَى بِالتَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ [أَنْ] تَلِيَ الرَّكْعَةَ الَّتِي أَبْطَلْتُمْ عَلَيْهِ، لَا الرَّكْعَةَ الَّتِي جَعَلْتُمُوهَا أَوَّلًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، لِأَنَّهُ اعْتَدَّ لَهُ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ لَمْ يُتِمَّ مِنْهَا وَلَا وَاحِدَةً؛ وَهَذَا بَاطِلٌ. ثُمَّ أَجَازَ لَهُ سَجَدَاتٍ مُتَتَابِعَاتٍ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ بِهَا، أَتَى بِهَا عَامِدًا مُخَالِفًا لِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقَصْدِ. وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>