للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةُ فَصَلِّ» . وَقَالَ: وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ، وَالْفَضَائِلُ لَا تُنْسَخُ، وَذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤] . فَقُلْنَا: إنَّ هَذَا كُلَّهُ حَقٌّ، وَلَيْسَ لِلنَّسْخِ هَهُنَا مَدْخَلٌ، وَالْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ هَذِهِ النُّصُوصِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ يُسْتَثْنَى الْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ، فَتُسْتَعْمَلَ جَمِيعًا حِينَئِذٍ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ مُخَالَفَةُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا تَغْلِيبُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِهَوَاهُ ثُمَّ نَسْأَلُ الْمُخَالِفَ -: عَنْ الصَّلَاةِ فِي كَنِيفٍ أَوْ مَزْبَلَةٍ - إنْ كَانَ شَافِعِيًّا، أَوْ حَنَفِيًّا وَعَنْ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَ مَالِكِيًّا وَعَنْ الصَّلَاةِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ إنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ يَمْنَعُونَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَيَخْتَصُّونَهَا مِنْ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمِنْ الْفَضِيلَةِ الْمَنْصُوصَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى وَذَكَرَ مَسْجِدَ الضِّرَارِ: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة: ١٠٨] فَحَرَّمَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَهُوَ مِنْ الْأَرْضِ فَصَحَّ أَنَّ الْفَضِيلَةَ بَاقِيَةٌ، وَأَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ وَطَهُورٌ إلَّا مَكَانًا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعِيرِهِ وَإِلَى بَعِيرِهِ قُلْنَا: نَعَمْ وَمَنْ مَنَعَ هَذَا فَهُوَ مُبْطِلٌ، وَمَنْ صَلَّى عَلَى بَعِيرِهِ أَوْ إلَى بَعِيرِهِ فَلَمْ يُصَلِّ فِي عَطَنِ إبِلٍ، وَعَنْ هَذَا جَاءَ النَّهْيُ لَا عَنْ الصَّلَاةِ إلَى الْبَعِيرِ. وَقَدْ زَادَ بَعْضُهُمْ كَذِبًا وَجُرْأَةً وَافْتِرَاءً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّمَا نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِهَا وَمَبَارِكِهَا لِنِفَارِهَا وَاخْتِلَاطِهَا، أَوْ لِأَنَّ الرَّاعِيَ يَبُولُ بَيْنَهَا قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا كَذِبٌ مُجَرَّدٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِخْبَارٌ عَنْهُ بِالْبَاطِلِ وَبِمَا لَمْ يَقُلْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَطُّ، وَلَوْ أُطْلِقَ مِثْلُ هَذَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ عَرَضَ النَّاسِ لَكَانَ إثْمًا وَفِسْقًا، فَكَيْفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَرَادَ مَا ذَكَرُوا لَبَيَّنَهُ ثُمَّ هَبْكَ أَنَّهُ كَمَا قَالُوا - وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ - فَإِنَّ النَّهْيَ وَالتَّحْرِيمَ بِذَلِكَ بَاقٍ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>