للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُبَّ مَسْجِدٍ يَخْرُجُ مِنْهُ بِخُطْوَةٍ وَاحِدَةٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

«وَقَدْ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاهِيًا وَتَكَلَّمَ وَرَاجَعَ وَخَرَجَ عَنْ الْمَسْجِدِ وَدَخَلَ بَيْتَهُ ثُمَّ عَرَفَ فَخَرَجَ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ سَجْدَتَيْنِ فَقَطْ» . وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» .

وَبِهَذَا يَبْطُلُ أَيْضًا قَوْلُ مَنْ قَالَ " لِكُلِّ سَهْوٍ فِي الصَّلَاةِ سَجْدَتَانِ ". وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنْ تَطَاوَلَتْ الْمُدَّةُ عَلَى مَنْ تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَزِمَهُ إعَادَتُهَا، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنْ تَطَاوَلَتْ الْمُدَّةُ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ -: فَقَوْلَانِ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ؟ وَأَوَّلُ ذَلِكَ -: أَنَّهُمَا قَوْلَانِ بِلَا بُرْهَانٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ؟

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْفَرْقُ بَيْنَ تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ وَبَيْنَ قِصَرِهَا بِنَصٍّ صَحِيحٍ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ غَيْرِ مُدَّعًى بِالْكَذِبِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ؟ وَالْحَقُّ فِي هَذَا: هُوَ أَنَّ مَنْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَقَدْ لَزِمَهُ أَدَاءُ مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَلَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ رَأْيُ ذِي رَأْيٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ أَبَدًا، وَلَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ إلَّا تَحْدِيدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْعَمَلَ بِوَقْتٍ مَحْدُودِ الْآخِرِ؟ وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْمٍ أَتَوْا إلَى أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ مَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ، وَبِالصِّيَامِ فِي وَقْتٍ مَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ - فَقَالُوا: لَا يَسْقُطُ عَمَلُهُمَا؟ وَإِنْ بَطَلَ ذَلِكَ الْوَقْتَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقْتًا لَهُمَا وَلَمْ يَجْعَلْ مَا عَدَا ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقْتًا لَهُمَا ثُمَّ أَتَوْا إلَى سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إصْلَاحًا لِمَا وُهِمَ فِيهِ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ، وَأَطْلَقَ بِالْأَمْرِ بِهِ وَلَمْ يَحُدَّهُ -: فَأَبْطَلُوهُ بِوَقْتٍ حَدُّوهُ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ قَوْلَيْهِ.

[مَسْأَلَةٌ سَهَا الْإِمَامُ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ]

٤٦٩ - مَسْأَلَةٌ:

وَإِذَا سَهَا الْإِمَامُ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ: فَفَرْضٌ عَلَى الْمُؤْتَمِّينَ أَنْ يَسْجُدُوا مَعَهُ، إلَّا مَنْ فَاتَتْهُ مَعَهُ رَكْعَةٌ فَصَاعِدًا، فَإِنَّهُ يَقُومُ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ، فَإِذَا أَتَمَّهُ سَجَدَ هُوَ لِلسَّهْوِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ فَفَرْضٌ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَسْجُدَهُمَا مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ بَقِيَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ، ثُمَّ لَا يُعِيدُ سُجُودَهُمَا إذَا - سَلَّمَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>