للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَيْرٌ - لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ مَنْسُوخًا بِلَا شَكٍّ، بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَرْكِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَهُنَّ يَتَكَلَّفْنَ التَّكَلُّفَ فِي الْغَبَشِ، رَاغِبَاتٍ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ مَعَهُ إلَى أَنْ مَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَهَذَا آخِرُ الْأَمْرِ بِلَا شَكٍّ؟ قَالَ عَلِيٌّ: مَسْجِدُهَا هَهُنَا هُوَ مَسْجِدُ مَحَلَّتِهَا وَمَسْجِدُ قَوْمِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ مَسْجِدُ بَيْتِهَا، إذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِلًا: صَلَاتُك فِي بَيْتِك أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِك فِي بَيْتِك، وَهَذِهِ لُكْنَةٌ وَعِيٌّ، حَرَامٌ أَنْ يُنْسَبَا إلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَبِقَوْلِنَا: قَالَ الْأَئِمَّةُ -: رُوِّينَا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَانَتْ تَحْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَكَانَتْ تَشْهَدُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لَهَا: وَاَللَّهِ إنَّك لَتَعْلَمِينَ مَا أُحِبُّ هَذَا، فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى تَنْهَانِي، فَقَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي لَا أَنْهَاك - قَالَ: فَلَقَدْ طُعِنَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَفِي الْمَسْجِدِ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَلَوْ رَأَى عُمَرُ صَلَاتَهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلَ لَكَانَ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَجْبُرَهَا بِذَلِكَ وَيَقُولَ لَهَا: إنَّك تَدَعِينَ الْأَفْضَلَ وَتَخْتَارِينَ الْأَدْنَى، لَا سِيَّمَا مَعَ أَنِّي لَا أُحِبُّ لَك ذَلِكَ، فَمَا فَعَلَ، بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى إخْبَارِهَا بِهَوَاهُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى صَرْفِهِ، وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَخْتَارَ - وَهِيَ صَاحِبَةٌ، وَيَدَعَهَا هُوَ - أَنْ تَتَكَلَّفَ إسْخَاطَ زَوْجِهَا فِيمَا غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ؟ فَصَحَّ أَنَّهُمَا رَأَيَا الْفَضْلَ الْعَظِيمَ الَّذِي يَسْقُطُ فِيهِ مُوَافَقَةُ رِضَا الزَّوْجِ، وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَصَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خُرُوجِهَا إلَى الْمَسْجِدِ فِي الْغَلَسِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ لِمَنْ عَقَلَ؟ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ أَنْ يَؤُمَّ النِّسَاءَ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَرْفَجَةَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقِيَامِ فِي رَمَضَانَ، فَيَجْعَلُ لِلرِّجَالِ إمَامًا، وَلِلنِّسَاءِ إمَامًا، قَالَ عَرْفَجَةُ: فَأَمَرَنِي فَأَمَمْت النِّسَاءَ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ شِدَّةِ غَضَبِ ابْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِهِ إذْ قَالَ: إنَّهُ يَمْنَعُ النِّسَاءَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>