للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأشياء التي تجري فيها الربا]

أما ما يكون فيه الربا فقال صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح.

-كم هذه؟ ستة.

ستة أصناف- مِثْلاً بمِثْل -يعني: بعتَ ذهباً بذهب، أو فضة بفضة، أو براً ببر، أو شعيراً بشعير، أو تمراً بتمر، أو ملحاً بملح، مِثْلاً بِمِثْل- سواءًَ بسواء, يداًَ بيد) فاشترط النبي عليه الصلاة والسلام المماثَلة والمقابَضة، إذا بِيْعَ شيء من هذه الأصناف بجنسه فلابد فيه من أمرين: المماثَلة: بحيث لا يزيد أحدهما على الآخر.

والمقابَضة: يداً بيد.

فإن زِدتَ أو تأخرت في القبض فإنك مرابٍ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فمن زاد أو استزاد فقد أربى) أي: دخل في الربا، فإذا بعتَ ذهباً بذهب، إذا بعت عشرة غرامات بأحد عشر غراماً فهذا حرام؛ لأجل الزيادة، وإذا بعتَ عشرة غرامات بعشرة غرامات لكن لم تقبض فهذا حرام من أجل عدم القبض.

والربا الذي يكون بعدم القبض يسميه العلماء: ربا النسيئة؛ لأنه تأخر في القبض.

والذي يكون فيه الزيادة يسميه العلماء: ربا الفضل.

فقد ينفرد ربا الفضل، وقد ينفرد ربا النسيئة، وقد يجتمعان.

إذا اختلفت الأصناف، لم يكن إلا ربا النسيئة.

فإذا بعتَ ذهباًَ بفضة فلا بأس بالزيادة والنقص ولكن لابد من التقابض قبل التفرق.

إذا بعتَ تمراً ببُر، فلا بأس من التفاضل؛ ولكن لابد من التقابض قبل التفرق.

إذا بعتَ شعيراً بملح، لا بأس بالزيادة؛ ولكن لابد من التقابض قبل التفرق.

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد) .

فإن قلتَ: لو بعتُ ذهباً ببُر، هل يجب التقابض؟ ف

الجواب

ظاهر الحديث أنه يجب التقابض؛ لأنه قال: (إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم) ، وذهبٌ ببُر اختلفت الأصناف، فيجوز أن نبيع كيف شئنا؛ ولكن يجب أن يكون يداً بيد، هذا هو ظاهر هذا الحديث؛ لكن قد دلت السنة أنه إذا كان أحد الصنفين نقداً، يعني: ذهباً أو فضة فلا بأس من التأخير في القبض، إذا كان أحد العوضين ذهباً أو فضة فلا بأس من التأخير في القبض.

بأي دليل؟ بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يُسْلِفون في الثمار السنة والسنتين -يعني: يعطون دراهماً بتمر بعد سنة أو بعد سنتين- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أسلف في شيء فليُسْلِف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم) وهذا يتأخر في القبض، وقد جاءت به السنة صريحة.

فدل ذلك على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا اختلفت هذه الأصناف) يعني: الأربعة فقط، وهي: البر، والشعير، والتمر، والملح.

إذا بِيْع جنسٌ بغير جنسه فلابد من التقابض قبل التفرق، ولا يُشترط التساوي، أما إذا بيع جنس من هذه الأصناف الأربعة بذهب أو فضة، فإنه لا يُشترط فيه التساوي، ولا يُشترط فيه التقابض أيضاً؛ لكن إذا بيع ذهب بفضة، فإنه لابد فيه من التقابض، أما التساوي فليس بشرط؛ لأن الذهب لا يساوي الفضة؛ لكن لابد من التقابض.

ودليل ذلك أحاديث وردت في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن بأن الذهب بالفضة لابد أن يكون فيه التقابض قبل التفرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>