للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[في سبيل الله]

قال تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:٦٠] : في سبيل الله، سبيل بمعنى: طريق، وسبيل الله: كل ما يوصل إلى الله فهو في سبيل الله، قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:١٥٣] فكل ما يوصل إلى الله فهو من سبيل الله.

فمن ثَمَّ حصل خلاف بين العلماء في المراد بسبيل الله، فقال بعض العلماء: المراد بقوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} كل ما كان مقرِّباً إلى الله من الجهاد، والعلم، وإصلاح المدارس، وبناء المساجد، وإصلاح الطرق، كل شيء.

ولكن أكثر أهل العلم قال: المراد من {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} ما تُبذل فيه النفقة لإعلاء كلمة الله، وهو جهاد الكفار، كما قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران:١٦٩] .

وقال تعالى: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة:٥٤] .

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة:١١١] ماذا؟ {بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:١١١] .

فالمراد من {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} الجهاد، وهذا هو الصحيح، ويدل لصحة هذا وأن المراد بقوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} خصوص الجهاد، الحصر الذي استفدناه من قوله: (إنما) وهذا هو الذي أشرتُ إليه، وقلتُ لكم إنه سيأتي عودٌ عليه في آخر الآية.

فالمراد الجهاد في سبيل الله: وهو قتال الكفار، ولا فرق بين أن تعطي المجاهدين أو تشتري أسلحة ليجاهدوا بها، لا فرق، فيجوز مثلاًَ أن تشتري أسلحة بالزكاة وتعطيها إياهم؛ لكن الذي يتولى الشراء ولي الأمر، أنت ادفع الدراهم ليُشترى بها السلاح، ويجوز أن تعطي المجاهد نفسه، ليجاهد في سبيل الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>