للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم إعطاء بني هاشم من الزكاة]

إذا كان الرجل من بني هاشم وهو فقير! هل يأخذ من الزكاة؟

الجواب

لا يأخذ.

إذاً: فيه دليل، فبنو هاشم خرجوا من هذا العموم بالدليل، والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث العباس بن عبد المطلب على الصدقة، وأراد العباس أن يأخذ منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّها لا تَحل لنا، إنَّها أوساخ الناس، لا تَحل لآل محمد) .

فبنو هاشم لا يأخذون من الصدقة الواجبة، هل يأخذون من صدقة التطوع؟ فيه خلاف، اختلف العلماء: قال بعض العلماء: لا يأخذون لعموم الحديث: (إن الصدقة لا تحل لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس) .

وقال بعض العلماء: تحل لهم.

لكن على القول بأنها تحل لهم فيه حلُّ مُشْكِلٍ: إذا وجدنا رجلاً من بني هاشم فقيراً والناس الفقراء يأخذون من الصدقات وهو ما يأخذ! إذا قلنا بجواز صدقة التطوع فإشكاله ينحل، لماذا؟ لأننا سنعطيه صدقة تطوع.

وإذا قلنا بالقول الثاني: إن صدقة التطوع لا تحل لبني هاشم، ماذا؟ يصير مشكلاً على الفقير.

نعطي له.

يكون مُشْكِلاً.

حينئذٍ ندخل في قاعدة عامة أخرى، وهي: وجوب إنقاذ الجائع، فنعطيه من باب إنقاذ الجائع، مسكين، كل يوم الصباح نعطيه خبزاً، إذا جاء الظهر قال: أعطوني، قلنا: لا، الخبزة تكفيك؛ لأننا لا نعطيك إلا على سبيل الإنقاذ، والخبزة في اليوم وفنجان شاي تنقذك، نعم.

ولهذا على قول بأن الصدقة التطوع والواجبة لا تحل لبني هاشم، فيه إشكال كبير! قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إنهم إذا مُنعوا الخُمُس يُعطَون من الصدقة، ولو من الزكاة.

إذا مُنعوا من الخُمُس الذي هو: خُمُس الفيء، والآن ما هناك خُمُس، نعم؛ لكن يجب على ولي الأمر أن يعطيهم من بيت المال، يرتب لهم رواتب من بيت المال، إذا لم يمكن هذا قال: فإنها تحل لهم الصدقة؛ ولكن قوله هنا ضعيف رحمه الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال للعباس: (إنها لا تحل لآل محمد) ، لم يقل: لأنهم يُعطَون من الخُمُس، مع أنهم في ذلك الوقت يُعطَون من الخُمُس، بل قال: (لأنها أوساخ الناس) .

فالصحيح: أنها لا تحل لهم الصدقة الواجبة سواء مُنعوا الخُمُس أو لا.

وأما صدقة التطوع فهي محل نظر؛ لكن جمهور العلماء على جواز صدقة التطوع لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>