للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نصيحة لأئمة المساجد في تبكيرهم لصلاة الفجر في رمضان]

السؤال

مما يلاحظ في رمضان أن أئمة المساجد يبكرون في صلاة الفجر جداً، ولا يقرءون إلا من قصار المفصَّل، فهل هذه هي السنة؟ وكيف يُجمع بين ذلك وبين الأحاديث العامة، وكون النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على راتبة الفجر في الحضر والسفر، ويجلس بين الأذان والإقامة قدر (٥٠) آية؟ أرجو التعليق مع التوضيح.

الجواب

والله مشكلة الناس في الأذان مشكلة مقلقة؛ لأن أمرها خطير جداً، فأذان الفجر حسب تقويم أم القرى فيه تقديم (٥) دقائق، فالذي يؤذن على تقويم أم القرى يكون قد أذن قبل الوقت بخمس دقائق، وإذا صلى الإنسان بعد الأذان مباشرة، فقد صلى قبل الوقت، وصلاته مردودة عليه، وغير مقبولة.

والناس الآن نسأل الله لنا ولهم الهداية يتبارون أيهم يخرج أولاًَ، لا يتبارون أيهم أحسن عملاً، لا.

كأن الأفضل من يخرج أولاً، وهذا غلط من الأئمة؛ لأن الإمام هو الذي بيده الإقامة، ومن المؤذنين الذين يبكرون.

انظروا مثلاًَ أذان العشاء قررت الحكومة أن يكون بعد الغروب بساعتين، التزم أناس طاعة لله وطاعة لولي الأمر؛ لأن الله أمرنا أن نطيع ولاة أمورنا، وولاة الأمور عللوا التأخير بثلاث علل وفوائد، نعم، وهناك زيادة على هذه العلل، وهو أنه أيسر للصائمين، والوقت متَّسع، وتأخير صلاة العشاء أفضل ففيه أيضاً طاعة لله ورسوله؛ لأننا أمرنا بطاعة ولي الأمر إلا في المعصية؛ لكن مع ذلك بعض المؤذنين نسأل الله لنا ولهم الهداية أصروا إلاَّ أن يخالفوا الأمر، كأنما يقولون: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} [النساء:٤٦] وهذا لا شك أنه قلة فقه، لا أستطيع أن أقول قلة دين؛ لأنهم على دين؛ لكن قلة فقه، فلو أنهم أطاعوا الله بطاعة ولاة الأمور لكان خيراً لهم، ولكان خيراً للناس عموماً، من أجل أن يظهر المسلمون بمظهر الاتحاد والاتفاق، لا يظهرون بمظهر واحدٍ إلى الآن، فأحدهم يكون قد انتهى من الصلاة، والآخر ما بعدُ أذَّن، كما هو الواقع الآن في صلاة العشاء، هناك أناس يمكن انتهوا من الصلاة، والآخرون لم يؤذنوا بعد.

فالفجر خطره عظيم جداً، والواجب التأخر، حتى نتيقن طلوع الفجر؛ لأن الله تعالى يقول في القرآن: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} [البقرة:١٨٧] يتبيَّن لكم، حتى قال بعض المتأخرين: إن الله لم يقل: حتى تتبيَّنوا، إشارة إلى أننا لا نذهب نطالع على الفجر هل طلع وإلاَّ لا، بل نبقى نأكل حتى هو يتبيَّن، وليس نحن نذهب ندوِّرُه ونطلبه؛ لأن الله قال: حتى يتبيَّن لكم.

وعلى كل حال: سواء كان هذا مراد الله عزَّ وجلَّ أو أن المراد حتى يتبيَّن بنفسه أو بتبيُّنه، الله أعلم؛ لكن على كل حال لابد من التبيُّن، ولابد من التريُّث، حتى يؤدي الناس سنة الفجر، كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن لا نزال نأكل حتى يتبيَّن الفجر، أمرنا بذلك حينما قال: (إن بلالاً يؤذن بليل؛ ليوقظ نائمكم، ويرجع قائمكم، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر.

قال بعض الرواة: وكان رجلاً أعمى، لا يؤذن حتى يقال: أصبحتَ أصبحتَ) .

وهل نحن الآن، هل يقال: أصبحتَ أصبحتَ إذا سمعنا المؤذنين؟! لا.

ما يقال: أصبحتَ أصبحتَ، يعني: الذين يذهبون الخلاء، ونحن لا نطيعهم؛ لكن هم يقولون: نحن إذا كنا في الخلاء لا يتبيَّن الفجر إلا بعد أذان الناس بثلث ساعة، نعم، ولهذا يُشَنِّعون علينا، يقولون: لماذا ما تنهون الناس عن هذا التلاعب، يصلون قبل الفجر، ويمتنعون عن الأكل قبل الفجر، فنقول: والله نحن عندنا أشياء نمشي عليها، وهناك تقويمات، الفلكيون العصريون اتفقوا عليها، ومسألة التبيُّن أمر نسبي، قد يتبيَّن لغيركم ولم يتبيَّن لكم.

على كل حال: أنا أود أن نحتاط لديننا، وألا نتعجَّل في صلاة الفجر، حتى نتيقن طلوع الفجر.

أما تقصير صلاة الفجر في أيام الصيام فليس من السنة، ليس من السنة أن تقصِّر؛ لكن قد يكون هناك عوارض تقتضي تقصير الصلاة، مثل: لو كان الوقت بارداً، والسماء ممطرة، والناس يُخشى أن يلحقهم البول والإدرار، ورأى الإمام من المصلحة أن يخفف حتى لا يشق على الناس؛ لكان هذا تخفيفاً عارضاً، والتخفيف العارض يقع حتى من الرسول عليه الصلاة والسلام، كان يدخل في الصلاة عليه الصلاة والسلام وهو يريد أن يطيلها، فيسمع بكاء الصبي فيخففها عليه الصلاة والسلام مراعاة لأمه.

والحمد لله رب العالمين.

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>