للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعريف الصوم]

إن أهم ما يختص به هذا الشهر الصيام الذي فرضه الله على عباده وجعله ركناً من أركان الإسلام، والصيام حقيقة وروحاً ومعنىً هو: إمساك الإنسان عن المحرمات التي حرمها الله عز وجل على الصائم بخصوصه وهي مفسدات الصوم، أو على المسلم عموماً وهي جميع المحرمات، فالصوم حقيقة وروحاً ومعنى هو الإمساك عن المحرمات الخاصة بالصوم أو العامة.

والخاصة بالصوم هي مفسدات الصوم مثل الأكل والشرب، والعامة هي التي تحرم في كل زمان مثل الغيبة والنميمة والكذب والسب والشتم وكل قول منكر، ولكن الإمساك عن الأكل والشرب والنكاح هو وسيلة للإمساك عن المحرمات العامة، لأن هذه المحرمات الخاصة بالصوم -وهي مفسدات الصوم- إنما حرمت على الإنسان من أجل أن تتربى نفسه على ترك المألوف اتباعاً لرضى الله عز وجل، كما جاء في الحديث القدسي في شأن الصوم أن الله قال: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) فإذا ترك الإنسان هذه الأشياء المباحة لولا الصوم كان تركه للمحرم العام من باب أولى أن يلتزم به، وقد أشار الله تعالى إلى هذه الحكمة في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:١٨٣] هذه الفائدة وهذه الحكمة تقوى الله عز وجل بالصيام، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) يعني: أن الله سبحانه وبحمده ما فرض علينا الصوم ليضيق علينا بترك المألوف والمحبوب للنفس من طعام وشراب ونكاح، ولكنه فرضه علينا من أجل أن نتجنب قول الزور والعمل به -أي بالزور- والجهل، هذه هي الحكمة من الصوم الذي فرضه الله على عباده.

<<  <  ج: ص:  >  >>