للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نصيحة لمن يؤخرون الصلاة عن وقتها في رمضان]

نجد أيضاً بعض الناس يقتل نهار رمضان، يقتله قتلاً، لا يذبحه بسكين بل يقتله بحجر، يقتل هذا النهار الذي هو من أشرف أيام السنة بالنوم، فينام من حين الفجر إلى أن يؤذن الظهر ومن حين أن يصلي الظهر إلى أن يؤذن العصر، ومن حين أن يصلي العصر إلى غروب الشمس، هذا إذا كان حريصاً على الصلاة، وإلا فسمعت أن بعض الناس ينام من حين أن يتسحر ولا يقوم إلا للعمل؛ عمل الوظيفة، ولا يصلي الفجر، لا مع الجماعة ولا في وقتها، ومثل هذا لا تقبل صلاته، كل إنسان ينام عن صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات باختياره ولا يقوم فإنه إذا صلاها بعد خروج وقتها لا تقبل منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ًليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود.

ثم تجده إذا قام للعمل ورجع من بعد صلاة الظهر، وقد لا يصلي نام إلى قرب الغروب حتى يقوم ليأكل والعياذ بالله، هذا في الحقيقة لم يقدر هذا الشهر حق قدره، وما عرف أن عمر الإنسان أنفاسه غالية، أغلى ما يكون عند الإنسان هو الزمن، هو أغلى من الذهب والفضة والسيارات وغير ذلك.

واستمع إلى قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:٩٩-١٠٠] ما قال لعلي أتبسط فيما تركت، وأخرج به للنزهة وأركب المراكب الفخمة وأسكن القصور المشيدة، قال: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} من المال، قال الله عز وجل: {كَلَّا} [المؤمنون:١٠٠] أي: لا رجوع، {إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون:١٠٠] ويجوز أن تكون (كَلَّا) بمعنى حقاً، أي: حقاً إنها كلمة هو قائلها، فهي لها معنيان وكلاهما لا ينافي الآخر، فتكون بالمعنى هذا وبالمعنى هذا، كلا لا رجوع، فهي حرف ردع، كلا بمعنى حقاً أن يقول هذا الكلام {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:٩٩-١٠٠] هذا البرزخ هو ما بين موت الإنسان وقيام الساعة؛ سواء دفن، أو ألقي في البحر، أو بقي على ظهر الأرض فأكلته السباع، فكل هذا يسمى برزخاً؛ لأن البرزخ هو الفاصل بين شيئين كما قال تعالى: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ} [الرحمن:٢٠] وهذا الذي بين موت الإنسان وقيام الساعة برزخ بين الدنيا وبين الآخرة.

على كل حال: ينبغي لنا أن نغتنم أوقات هذا الشهر خصوصاً وأوقات جميع أعمارنا عموماً بماذا؟ بما يقرب إلى الله عز وجل، بطاعة الله حتى تكون حياتنا حياة حقيقية، نسعد بها في الدنيا والآخرة.

أقول لكم قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، وأنا أشدكم تقصيراً ولكني أستغفر الله وأتوب إليه، وأسأله أن يلحقني وإياكم بالصالحين إنه جواد كريم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

وإلى الأسئلة ولعل الله أن يجعل فيها خيراً كثيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>