للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم خروج بعض الطعام من المعدة إلى الفم]

السؤال

حينما يتسحر الإنسان ثم يمسك، فأحياناً يخرج من جوفه بعض الهواء، ويخرج معه شيء من الطعام ويبقى أثره في الفم، فإن رماه وأخرجه من فمه بقي الأثر، وإن ابتلعه فهذا مشكل، فما العمل والحال هذه؟

الجواب

الصورة: الظاهر أنه أحياناً يتجشأ الإنسان فيخرج من معدته بعض الطعام.

نقول: إذا وصل إلى الفم فإنه لا يجوز أن تبلعه، لو بلعته وأنت عالم أفطرت ولكن اتفله، إما في منديل إذا كان معك مناديل أو في طرف ثوبك، وإذا قُدر أنه بقي طعام فاتفل حتى يزول الطعام، لأنك إذا تفلت مرة مرتين سوف يذهب الطعام وحينئذٍ لا يضرك، لكن لو فرض أن الرجل ابتلعه وهو لا يدري أن ذلك حرام عليه فصيامه صحيح، وهذه قاعدة ينبغي أن نأخذها: كل من فعل شيئاً من المفطرات وهو جاهل فصيامه صحيح ولا قضاء عليه، لقوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:٢٨٦] .

ولأن البخاري رحمه الله روى عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس) فصار إفطارهم في النهار، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إلينا، فلما لم ينقل عُلم أنه لم يأمر به، ولما لم يأمر به علم أنه ليس بواجب، وهو كذلك.

فإذا أكل الإنسان أو شرب جاهلاً يظن أنه في الليل فتبين أنه في النهار فصومه صحيح، وإذا أكل شيئاً يظن أنه لا يفطر فصومه صحيح، وإذا احتجم يظن أن الحجامة لا تفطر فصومه صحيح، كل من فعل شيئاً من المفطرات جاهلاً فصيامه صحيح ولا قضاء عليه ولا إثم عليه، كما أن الناسي كذلك لو أن شخصاً نسي فأكل أو شرب فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) الحمد لله، الله هو الذي أطعمك وسقاك فاحمد الله، إذا شربت من كأس الماء ناسياً فقل: الحمد لله، وتقول: الحمد لله الذي نساني أو لا؟ لأن الصوم صحيح إنما أطعمه الله وسقاه، وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى على العباد أن الشيء الذي يكون بغير قصد قلبي فإن الإنسان لا يلام عليه.

ذكر لي أن شخصاً في قديم الزمان اشترى عنباً لأهله، وحمله في منديل وهو صائم، فنسي وجعل يأكل من هذا العنب وكان الناس فيما سبق ليسوا أغنياء يسهل عليهم الحصول على العنب، وكان هذا الشخص قد اشتهى العنب كثيراً، فلما وصل إلى أهله لم يبق في العنب إلا حبة واحدة، وهو يأكل وهو ناسٍ، فقال لما ذكره أهله أنه صائم: إن كان ما أكلت من العناقيد لا يفطر فهذه لا تفطر، وأكلها، فهل يفطر الآن؟ نعم، يفطر بالحبة، والعناقيد التي أكل من قبل؟ لا تفطره، لماذا؟ لأنه ناسٍ أطعمه الله عز وجل، لكن هذه الحبة هي التي أفسدت صومه، لكن قال لي بعض الطلبة: لا يفسد صومه على قاعدة أن الجاهل معذور، وهذا جاهل يحسب أن الأول يفسد الصوم فأكل هذه الباقية بناءً على فساد صومه، أظن أن هذا لا ينطبق عليه العذر بالجهل؛ لأن هذا رجل مفرط، كان الواجب عليه أن يسأل وليس كل من قلنا إنه يعذر بالجهل يعذر في كل حال، إذا كان مفرطاً وقام سبب طلب العلم يجب عليه أن يطلب العلم حتى يتبين.

أما إذا تعدت الفم فدعها تمشي، يعني: لو أن إنساناً -مثلاً- أكل وبقي الأكل في حنجرته يعني تعدى الفم، هذا دعه يمشي لأنه في حكم الباطن.

<<  <  ج: ص:  >  >>