للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فرضية صيامه]

ومن خصائص شهر رمضان أن الله فرض صيامه وجعله أحد أركان الإسلام، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله -وهذا ركن واحد- وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام) .

ولكن الصيام نوعان: صيام جسدي، وصيام قلبي عملي.

الصيام الجسدي: هو الإمساك عن ملذات الجسد مثل: الأكل والشرب والنكاح.

الصيام القلبي العملي: هو الإمساك عن المحرمات، وعن ترك الواجبات، وقد أشار الله إلى ذلك في كتابه حيث قال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:١٨٣] يعني فرض الصيام من أجل أن نتقي الله لا من أجل أن يعذبنا الله تعالى باجتناب ما نشتهيه من مأكل ومشرب ومنكح أبداً، قال الله تبارك وتعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء:١٤٧] لكن الحكمة البالغة العظيمة هي ماذا؟ التقوى {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .

وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) قول الزور: كل قول محرم من الغيبة، والنميمة، والسب، والشتم، وغير ذلك.

العمل بالزور: العمل بالمحرم من النظر المحرم والعمل المحرم.

والجهل: العدوان على الغير.

والجهل خصه وإن كان زوراً لأن فيه عدواناً على الآخرين، وليس المراد بالجهل هنا عدم العلم بل هو العدوان على الغير.

وعلى ذلك جاء قول الشاعر الجاهلي:

ألا لا يجهلن أحدٌ علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينَ

يعني لا يعتدي أحد علينا فنعتدي فوق عدوانه، لكن تعرفون هذا كلام جاهلي، والشرع يبيح لنا أن نعتدي على من اعتدى علينا بمثل ما اعتدى علينا، فصيام رمضان ليس المقصود به أن نترك الأكل والشرب والنكاح بل المقصود هو أن ندع قول الزور والعمل به والجهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>