للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصفات الواردة في السنة لصلاة التراويح]

السؤال

تكررت أسئلة النية في صلاة الوتر ثلاثاً أو اثنتين، وهذه الأسئلة تدور على الإمام والمأموم، وخاصة إذا كان المأموم ممن ينوي جهراً قبل صلاته؟

الجواب

الوتر صلاة مقيدة معينة، فهي صلاة وتر، وإذا كانت معينة فلابد فيها من النية من أولها، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) وعلى هذا فإذا كان الإمام من عادته أن يصلي أربع تسليمات ثم يوتر، فإن المأموم إذا صلى أربع تسليمات ثم قام الإمام بعد ذلك ينوي الوتر، وإذا نوى الوتر فهو على نيته سواء سرد الإمام الثلاث جميعاً أو سلم بالركعتين ثم أتى بالثالثة؛ لأن الركعتين اللتين تسبق الواحدة هي من الوتر لكنه وتر مفصول، وإذا سرد الثلاث جميعاً بتشهد واحد فهو وتر موصول، وكلاهما جائز.

لكن سمعنا أن بعض الأئمة يصلي أربع تسليمات ويقوم للتسليمة الخامسة على أنها الوتر لكنه يقرأ فيها من قراءة التراويح حرصاً منه على أن يختم، وهذا غلط من وجوه: الوجه الأول: أننا لا نعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ختم القرآن في التراويح أبداً، بل لم يصل إلا ثلاث ليال، وكذلك لا نعلم أن الصحابة كانوا يتعمدون ذلك، صحيح أن بعض العلماء من السابقين واللاحقين قالوا: ينبغي أن يقرأ القرآن كله على الجماعة ويختم.

أما الوجه الثاني: أنه ترك القراءة المشروعة إلى قراءة غير مشروعة، ما هي القراءة المشروعة في الوتر؟ أن يقرأ بسبح في الركعة الأولى، وبالكافرون في الثانية، وبالإخلاص في الثالثة، وهذا عدل وأتى بقراءة غير مشروعة في الوتر.

الوجه الثالث: أنه لبس على المصلين؛ إذ أن المصلي ولو كان قد دخل مع الإمام من أول الصلاة إذا قرأ الإمام من قراءة التراويح سوف يكون عنده شك، يقول: لعلي أخطأت في عدد الركعات السابقة، لعل هذه بقية التراويح ثم يبقى متردداً، وربما ينوي التراويح، فإذا نوى التراويح وصار هو الوتر ثم نواه في أثناء الصلاة لم يصح، ولم يكن وتراً، ولكن ماذا يصنع؟ نقول: إذا لم يصح أن يكون وتراً فإذا سلم إمامك فقم وائت بركعة لتكون شفعاً، ثم صل الوتر بعد ذلك، وإن شئت صليت آخر الليل.

ولهذا يحصل الارتباك للمأمومين إذا فعل الإمام مثل هذا الشيء، والذي ينبغي للإمام أن يعلم أنه لا يصلي لنفسه حتى يصنع ما شاء، بل يصلي لغيره، ولهذا يعبر الصحابة فيقولون: [صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم] .

فهو يصلي لغيره.

ويوجد أيضاً بعض الأئمة يسرد بالجماعة تسع ركعات، من أول ما يبدأ إلى آخره تسع ركعات، بناءً على أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر بتسع فسردها ولم يتشهد إلا في الثامنة ولم يسلم، ثم صلى التاسعة وسلم، وهذا أيضاً من الغلط، هو يقول: أريد أن أحيي السنة نقول: نعم أحيها؛ لكن هل الرسول عليه الصلاة والسلام -وهو أحرص منك على نشر السنة- صلى بأصحابه تسع ركعات؟ أبداً ما صلى إلا ركعتين ركعتين.

ثم في هذا من المشقة على الناس ما هو ظاهر، قد يحصر الإنسان في أثناء الصلاة فإن انفتل من صلاته خجل، وإن استمر في صلاته تعب، بخلاف ما إذا كان المصلي على ركعتين ركعتين، فهو إذا سلم ذهب، ثم إن الناس يكفيهم أن يقال في الحديث الوتر على أصناف متعددة كذا وكذا وكذا ويعرفون، ولهذا ما عهدنا مشائخنا الذين هم أكبر منا، وأحرص منا على نشر السنة، ما رأيناهم يفعلون هذا، يصلون بالناس بتسع ركعات، بل ولا بسبع، ولا بخمس؛ فلذلك ينبغي للإمام أن يكون عنده حكمة في كيفية معاملة الناس، أليس الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (إذا صلى أحدكم لنفسه فليطل ما شاء) لكن للناس يراعيهم حتى لا يحصل عليهم الارتباك والتعب.

نعم لو فرضنا أن قوماً كانوا في بساتين محصورين ما عندهم أحد، واتفقوا فيما بينهم على أن يوتروا بتسع فلا حرج لأن هؤلاء اختاروا بأنفسهم، أما مسجد عام كل يدخل فيه، ولا يعلم الناس عما يريد الإمام؛ فهذه مشكلة، حتى لو فرض أن الرجل هذا أوتر بتسع، ثم إن الناس أول ما يكبرون ماذا ينوون: الوتر أم صلاة الليل؟ ينوون صلاة الليل، وينوون أن تكون اثنتين، ولا ينوون الوتر، معناه كل التسع الركعات هذه لا تجزئهم عن الوتر؛ لأنهم لم ينووا.

فالمهم نحن نحث الأئمة على أن يراعوا الناس الذين وراءهم، والسنة يمكن فعلها في بيوتهم كما فعل الرسول في بيته، فالرسول لم يصل بالناس لا بتسع، ولا بسبع، ولا بخمس، يفعلونها في بيوتهم، ويبينون للناس السنة في القراءة وفي الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>