للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (وما تدري نفس بأي أرض تموت)]

قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان:٣٤] : أي نفس لا تدري بأي أرض تموت، تجد الإنسان يولد في بلد، ويعيش فيها، ولا يطرأ على باله أن ينتقل عنها، ثم إذا أراد الله أن يقبضه في أرض، جعل له حاجة في هذه الأرض، تحثه إلى أن يمشي إليها، فيموت فيها، وهو لا يدري، البعير تنشأ في جهة من جهات الأرض، تولد، تكبر، ثم تُستعمل للركوب أو غير الركوب، وتُذبح في بلاد بعيدة عن بلادها، أو تموت في بلاد بعيدة عن بلادها، كل نفس لا تدري بأي أرض تموت.

وهل تدري في أي يوم تموت؟! لا.

لا تدري، من لا يدري بأي أرض -مع أنه باختياره أن ينتقل من أرض إلى أرض- لا يدري أيضاً بأي يوم يموت، فجهالة الزمن أشد من جهالة المكان؛ لأن المكان يمكن للإنسان أن ينتقل، يمكن يبقى في الأرض ويقول: لا أمشي؛ لكن الزمن يمشي غصباً عنه، لا تدري نفس بأي أرض تموت.

فهذه مفاتح الغيب خمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>