للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن واقد بن محمد الواقدي قال: حدثنا أبي أنه رفع رقعة إلى المأمون يذكر فيها كثرة الدين وقلة صبره عليه فوقع المأمون على ظهر رقعته: " إنك لرجل اجتمع فيك خصلتان سخاء وحياء، فأما السخاء فهو الذي أطلق ما في يدك، وأما الحياء فهو الذي يمنعك تبليغنا ما أنت فيه، وقد أمرت لك بمائة ألف درهم، فإن كنت قد أصبحت فازدد في بسك يدك، وإن لم أكن أصبت فجنايتك على نفسك فأنت حدثتني، وكنت على قضاء الرشيد، عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير بن العوام: " يا زبير " علم أن أرزاق العباد بإزاء العرش، يبعث الله تعالى إلى كل عبد بقدر نفقته، فمن كثر كثر له ومن قلل قلل له، وأنت أعلم ". قال الواقدي: فوالله لمذاكرة المأمون إياي الحديث أحب إلي من الجائزة. " ومن مئة ألف ".

[حكاية]

وصح أن أبا طالب بن كثير كان شيعياً فقال له رجل: بحق علي بن أبي طالب إلا ما وهبت لي نخيلك بموضع كهذا. قال: قد فعلت وحقه لأعطينك ما يليها. وكان ذلك أضعاف ما طلب الرجل.

[حكاية]

ذكر بعض الرواة أن معاوية ابن أبي سفيان أهدى إلى عبيد الله بن العباس، وهو عنده بالشام، من هدايا النيروز حللاً كثيرة ومسكاً وآنية من ذهب وفضة، ووجهها مع حاجبه. فلما وضعها بين يديه نظر إلى الحاجب وهو ينظر إليها فقال: هل في نفسك منها شيء؟ قال: نعم والله إن في نفسي منها ما كان في نفس يعقوب من يوسف، فضحك عبيد الله وقال: فشأنك بها فهي لك. قال: جُعلت فداك أخاف أن يبلغ ذلك معاوية فيجد علي. قال فاختمها بخاتمك وادفعها إلى الخازر فإذا حان خروجنا حملها إليك ليلاً. قال الحاجب: والله لهذه الحيلة في الكرم أكثر من الكرم، ولوددت أني لا أموت حتى أراك مكانه - يعني معاوية - فظن عبيد الله أنها مكيدة منه فقال: دع عنك هذا الكلام فإنا قوم نفي بما وعدنا، ولا ننقض ما أكدنا.

[حكاية]

قيل كان أبو مزيد أحد الكرماء فمدحه أحد الشعراء فقال للشاعر: والله ما عندي ما أعطيك ولكن قدمني إلى القاضي وادَّعِ علي بعشرة آلاف درهم أقر لك بها ثم احبسني فإن أهلي لا يتركونني محبوساً ففعل ذلك، فلم يمس حتى دفعت إليه عشرة آلاف درهم وأُخرج أبو مزيد من الحبس.

[حكاية]

وكان معن بن زائدة عاملاً على العراقين بالبصرة فحضر بابه شاعر فأقام مدة يريد الدخول عليه فلم يتهيأ له. فقال يوماً لبعض خدمه: إذا دخل الأمير البستان فعرّفوني. فلما دخل أعلمه فكتب الشاعر بيتاً من الشعر على خشبة فألقاها في الماء الذي يدخل بستان معن، وكان معن جالساً على رأس الماء فلما بصر بالخشبة أخذها وقرأها فإذا فيها مكتوب:

أيا جود معن ناج معناً بحاجتي ... فما لي إلى معن سواك سبيل

فقال: من صاحب هذا؟ فدعي بالرجل فقال: كيف قلت؟ فأنشده البيت، فأمر له بعشر بدر فأخذها ووضع الأمير الخشبة تحت بساطه، فلما كان اليوم الثاني أخرجها من تحت البساط وقرأ ما فيها. دعا بالرجل فدفع له مائة ألف درهم أخرى، وكذلك في اليوم الثالث. فلما أخذها منه الرجل تفكر وخاف أن يأخذ منه ما أعطاه. فخرج " فتوجه إلى حال سبيله " فلما كان في اليوم الرابع قرأ ما فيها ودعا بالرجل فطلب فلم يوجد فقال معن: حق علي أن أعطيه حتى لا يبقى في بيت المال درهم ولا دينار.

[حكاية]

قيل أنفذ هارون الرشيد إلى مالك بن أنس رضي الله عنه خمسمائة دينار فبلغ ذلك الليث بن سعد فأنفذ إليه ألف دينار، فغضب الرشيد وقال: أعطيه خمسمائة دينار وتعطيه أنت ألف دينار، وأنت من رعيتي فقال: يا أمير المؤمنين إن لي في كل يوم من غلتي ألف دينار، فاستحييت أن أعطي مثله أقل من دخل يوم. وحكي أنه لم تجب عليه زكاة قط، مع أن دخله ألف دينار في كل يوم.

[حكاية]

دخل سعيد بن خالد على سليمان بن عبد الملك، وكان رجلاً جواداً، فإذا لم يجد شيئاً كتب لمن يسأله الصكاك على نفسه حتى يخرج عطاؤه. فلما نظر إليه سليمان تمثل بهذا البيت:

إني سمعت مع الصباح منادياً ... يا من يعين على الفتى المعوان

ثم قال: حاجتك؟ قال ديني قال: كم هو؟ قال ثلاثون ألف دينار قال: لك دينك ومثله.

حكاية

<<  <   >  >>