للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العلماء خلفاء الرسل]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وبعد فنسأل الله تعالى أن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويخذل أعداءه.

ثم أشكر القائمين على هذه المؤسسة على دعوتهم لي إلى هذا اللقاء، وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يبارك في جهودهم، وأن يعينهم على كل خير، وأن يتغمد الملك فيصل برحمته ورضوانه، وأن يرفع درجاته في المهديين، وأن يصلح ذريته وجميع الأسرة، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين لما فيه رضاه، ولما فيه صلاح المسلمين وسعادتهم في العاجل والآجل، وأن يوفق جميع الأسرة السعودية لكل ما ينفع المسلمين في دينهم ودنياهم، وأن يجمع كلمتهم على الحق، وأن ينفع بهم العباد والبلاد.

كما أسأله سبحانه أن يوفق علماء المسلمين في كل مكان لما فيه صلاح المسلمين، ولما فيه توجيههم إلى الخير، ولما فيه إرشادهم إلى أسباب النجاة، وأن يعينهم على أداء الواجب، وأن يصلح قادة المسلمين جميعاً ويوفقهم لتحكيم شريعته، والالتزام الشرعي بها، والاستقامة عليها، وأن يوفق جميع المسلمين لما فيه صلاحهم وسعادتهم في العاجل والآجل.

أما موضوع المحاضرة فكما سمعتم هو: "أخلاق العلماء وأثر ذلك في المجتمع الإسلامي وغير الإسلامي أيضاً".

لا ريب أن العلماء الصالحين المهتدين هم خلفاء الرسل، وهم الدعاة إلى ما جاءت به الرسل من توحيد الله والإخلاص له، واتباع الهدي الذي جاءت به الرسل، وهم القادة في توجيه الناس إلى أسباب النجاة، وتحذيرهم من أسباب الهلاك.

ولهذا روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ليحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين) ، يبصِّرون بكتاب الله أهل العمى، وينذرونهم عواقب الجهل والظلم، والذود عن أسباب الهلاك، يدعونهم إلى مكارم الأخلاق، ويحذرونهم من مساوئ الأخلاق.

المقصود أنه سبحانه وتعالى جعل العلماء هم الخلفاء للرسل، وهم الدعاة إليه، وهم المبصرون لعباده، فجدير بهم أن يؤدوا هذه الأمانة بكل عناية وإخلاص وصدق.

والأثر الذي أشرت إليه: (ليحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين) ذكره ابن عبد البر رحمه الله، وذكره العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح باب السعادة، وأطال فيه رحمه الله، وله طرق.

فأهل العلم هم الدعاة إلى الله، وهم المبصرون بكتاب الله أهل العمى، وهم الصابرون على الأذى، وهم النجوم التي يُهتدى بها في ظلمات الجهل والضلال والشكوك والأوهام، وهم -في الحقيقة- أهل خشية الله بعد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

فأئمة الهدى ودعاة الحق هم الرسل في الطبقة الأولى، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم يليهم العلماء بالله وبدينه، والهداة إليه، وهم على مراتب وعلى طبقات أيضاً.

وكلما كان العالم أعلم بما جاءت به الرسل، وأخلص وأصدق في العمل؛ كان أكثر قياماً بالخلافة، وأكثر تأسياً بالرسل، وأكثر أجراً، وأعظم ذكراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>