للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم صرف القلب عن سماع القرآن إلى سماع الغناء]

السؤال

أنا شاب في يوم رأيت إلى شابٍ يستمع للغناء، وأنا أعلم أنه حرام وأحببت أن أنصحه، وبعد أن نصحته سألني يقول: ماذا تستفيد من القرآن؟ فقلت: القرآن عبادة، وقال: أنا أستفيد مثل ما تستفيد من القرآن فما حكم ذلك؟

الجواب

نسأل الله العافية! هذا كلام عظيم خطير، إذا كان يستفيد من الأغاني مثل ما يستفيد المؤمن من القرآن هذا ردة عن الإسلام، نعوذ بالله! يستفيد من الأغاني الفاجرة في حب فلانة وفلان، أو في العشق أو الخمر أو القمار أو ما أشبه ذلك من الأغاني تستفيد منها كما يستفيد المؤمن من القرآن! هذا الكلام مجمل وخبيث، فالقرآن كلام الله فيه الهدى والنور، يدل على الخير ويرشد إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، والجواب أن يقال: إذا قال: ما تستفيد من القرآن؟ يقول: أستفيد من القرآن ما فيه صلاحي وهدايتي، وما فيه نجاتي وصلاح قلبي وعملي، وما فيه سلامة ديني ودنياي أستفيد منه مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي ترضي الله وتقرب إليه، فإن القرآن الكريم يدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال يعلمنا فرائض الله التي علينا، ويعلمنا ما نهى الله عنه، ويعلمنا طريق الرسل قبلنا، ويعلمنا صفات الأنبياء والمؤمنين وأخلاقهم يعلمنا صفات أهل الجنة وأخلاقهم، وصفات أهل النار وأخلاقهم، كل هذا في القرآن العظيم، وهل هناك فائدة أكبر من هذه الفائدة؟ هل في الدنيا شيء أفضل من هذه الفوائد؟ أن تعلم ما يرضي الله عنك وما يغضبه عليك، وأن تعلم صفات الأبرار والأخيار والمؤمنين حتى تأخذ بها، وأن تعلم صفات أهل الجنة حتى تأخذ بها، وأن تعلم صفات الأشرار والكفار حتى تحذرها، وأن تعلم صفات أهل النار حتى تحذرها، هل هناك شيء أكبر من هذا؟ أما الغناء فمعناه أنه يستفيد منه مرض قلبه وانحرافه عن الهدى، وزيغه عن الحق، هذه الفائدة من الغناء، قال ابن مسعود رضي الله عنه -فيما صح عنه-: [الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل] هكذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والله يقول في كتابه العظيم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان:٦] (من الناس) هذا ذم لبعض الناس (يشتري) يعتاض (لهو الحديث) قال أكثر المفسرين: معناه الغناء، وزاد بعضهم مع الغناء آلات الملاهي والطرب وكل صوت يصد عن الحق، كله داخل في الحديث، ثم قال بعده: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الحج:٩] وقرأ بعضهم: (لِيَضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) فدل على أن اعتياد الأغاني فيه ضلال عن سبيل الله وإضلال عن سبيل الله، هذه عاقبة لهو الحديث، الضلال والإضلال، نسأل الله العافية.

ثم من فوائده: أنه يتخذ آيات الله هزواً، أي: يدعوه بعد ذلك إلى الاستهزاء بالقرآن وعدم الأنس بقراءته، والاستكبار عن سماعه أيضاً، والعياذ بالله! {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا} [لقمان:٧] هذه فوائد الغناء: الضلال والإضلال، والسخرية بسبيل الله، والاستكبار عن سماع آيات الله، هذه العاقبة والعياذ بالله!

<<  <  ج: ص:  >  >>