للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية المحاسبة والمجاهدة]

أيها الإخوة: علينا أن نحاسب أنفسنا ونجاهدها؛ حتى نستقيم على هذه الأخلاق التي جعلها الله صفات الرابحين، وهي الإيمان بالله ورسوله، الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الآخرة والجنة والنار، وغير هذا، عليك أن تؤمن بالله، وأنه ربك ومعبودك الحق، وتؤمن برسوله، وأنه مبعوث إليك لتوحيد الله وطاعته واتباع شريعته، وأنه خاتم الأنبياء، وأنه رسول الله إلى الجميع، كما قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [الأعراف:١٥٨] أرسله الله إلى الجن والإنس، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} [سبأ:٢٨] ، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:١٠٧] ، وقال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:٤٠] ، وقال عليه الصلاة والسلام: (أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي) ، فهو رسول الله إلى الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء ليس بعده نبي، فالواجب اتباعه، والانقياد لشرعه، وتعظيم أمره ونهيه، والسير على منهاجه هذا هو الواجب على الجميع، كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء:١٣-١٤] ، وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧] ، وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور:٦٣] أي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣] ، وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠] .

فعلينا جميعاً أن نوحد الله، وأن نستقيم على دينه، وأن نخصه بالعبادة، وأن نطيع أوامره، وأن ننتهي عن نواهيه، وأن نطيع رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ونتبع ما جاء به هذا هو الواجب على الجميع، طاعة الله ورسوله، واتباع ما جاء به رسول الله من الهدى ودين الله، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة:٣٣] (بالهدى) بالعلم النافع والأخبار الصادقة، (ودين الحق) الشريعة الكاملة والعمل الصالح، أرسل الله بها رسوله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالهدى ودين الحق، فالواجب اتباعه، والانقياد لشرعه، وتعظيم أمره ونهيه، والإيمان بأنه رسول الله حقاً إلى جميع الثقلين، وأنه خاتم الأنبياء ليس بعده نبي عليه الصلاة والسلام.

فعلى كل مؤمن ومؤمنة، وعلى كل مكلف أن يحاسب نفسه: هل هو مستقيم على هذا الخلق وعلى هذا الطريق؟ هل هو من المؤمنين بالله ورسوله؟ هل عمل بشرع الله؟ هل نصح لله ولعباده؟ هل أمر بالمعروف؟ هل نهى عن المنكر؟ هل تواصى مع إخوانه بطاعة الله ورسوله؟ هل صبر على ذلك؟ يحاسب نفسه، وينظر، فإن هذه الدار دار محاسبة.

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في خطبته: [حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزن] أي: تأملوا وتدبروا واعملوا، وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:٧١] تأمل! هل أنت ولي أخيك أم أنك تخاصمه وتعاديه وتظلمه وتغشه وتخونه في الأمانة؟ تأمل وحاسب نفسك وجاهدها، ثم قال: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة:٧١] هل أنت من هؤلاء؟ هل جاهدت نفسك؟ هل أمرت بالمعروف؟ هل نهيت عن المنكر؟ ثم قال: {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} [التوبة:٧١] أي: يؤدونها كما أمر الله، يحافظون عليها في جميع الأوقات: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، هكذا يجب على المؤمن أن يحافظ عليها في الجماعة في مساجد الله، في جميع الأوقات الخمسة، وعليه أن يتقدم في النوم ولا يسهر؛ حتى يؤدي صلاة الفجر مع الجماعة.

وهكذا النساء عليهن هذا الأمر، عليهن أن يتقين الله، وأن يحذرن الغش والخيانة لزوج أو غيره عليهن أن يؤدين الأمانة، وألا يخن الله ورسوله، وعليهن النصيحة لأزواجهن ولغير أزواجهن {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:٧١] ، فلا تخون زوجها، ولا أهل زوجها، ولا غيرهم، بل تنصح لله ولعباده.

وعلى كل واحد من المؤمنين والمؤمنات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا هو الواجب على الجميع، يقول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بعث الله من نبي في أمة قبلي إلا كان في أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) .

<<  <  ج: ص:  >  >>