للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[واجب العبد تجاه كل ما أخبر الله به ورسوله]

فعلى العبد أن يؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله من أسماء الله وصفاته على الوجه الذي يليق به سبحانه، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، فنؤمن بذلك على الوجه الذي يليق به سبحانه، ليس له مثيل، ولا نظير، ولا كفء ولا ند جل وعلا، فعلمه كامل ليس كعلمنا، وقدرته كاملة ليست كقدرتنا، وبصره كامل ليس كبصرنا وهكذا بقية صفاته سبحانه وتعالى، وهكذا يسمع ويبصر ليس كسمعنا وبصرنا، بل هو أكمل وأعظم.

وهكذا موصوف بأن له يداً: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:٦٤] ، سميع بصير، وله قدم كما في الحديث الصحيح: (لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الجبار فيها رجله -وفي رواية: قدمه- فينزوي بعضها إلى بعض، ثم تقول: قطٍ قطٍ) أي: حسبي حسبي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١] لا مثيل له في سمعه، ولا في بصره، ولا في يده، ولا في وجهه، ولا في قدمه، ولا في غير ذلك {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٧] {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص:٨٨] فهذه الصفات التي وصف بها نفسه نصفه بها، ونقول كما قال: له وجه، وله يدان، وله سمع، وله بصر، وله قدم، وله أصابع؛ كلها تليق به، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، للحديث الصحيح: (إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرب يقلبها كيف يشاء) .

وعرفت أن الإيمان بالكتب يشمل الإيمان بجميع الكتب المفصلة والمجملة، فنؤمن بكتب الله المنزلة على رسله وأنبيائه، وما سمى الله نسميه، من التوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم، وصحف موسى، وأعظمها القرآن وهو خاتمها.

وهكذا الملائكة: نؤمن بهم إجمالاً وتفصيلاً، من سماه الله سميناه، كجبرائيل، وميكائيل، ومن لم يسم الله نقول: إن لله ملائكة لا يحصيهم إلا الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأنهم: (في البيت المعمور الذي فوق السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه) ، كل يوم يدخله سبعون ألف ملك للتعبد، ثم لا يعودون إليه، فلا يحصيهم إلا الله جل وعلا.

وله ملائكة يتعاقبون فينا، يشهدون معنا الصلوات، فإذا صلى الناس الفجر عرج الذين باتوا فينا، وبعد العصر يعرج الذين قعدوا فينا في النهار لينزل أهل الليل، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الصبح، ملائكة يتعاقبون فينا يشهدون على أعمال العباد، وما شاهدوا منه يسألهم ربهم وهو أعلم إذا عرجوا إليه: كيف تركتم عبادي؟ يقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون.

وكل واحد منا معه ملكان يكتبان أعماله، هذا يكتب حسناته وهذا يكتب سيئاته: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:١٠-١٢] .

فجدير بك -يا عبد الله- أن تحرص على إملاء الخير على هؤلاء الملائكة أمل عليهم الخير أمل عليهم ما ينفعك ويرضي الله عنك، من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، والدعوة إلى الله، وتعليم الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر إلى غير هذا من وجوه الخير، وهكذا العمل، عليهم أن يكتبوا كل شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>