للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مخالفة بعض الجماعات للسنة النبوية]

ومضينا في هذا الموضوع وقلنا: إن هذه الجماعات الموجودة الآن بعض أفرادها ينطلقون في تكتلهم، وفي تحزبهم، ليس على علم مطلقاً، على أننا لا نحبذ العلم المطلق، وإنما نحض على العلم المقيد بكتاب الله وبسنة رسول الله، وعلى منهج السلف الصالح، كما جاء في كثير من الآيات والأحاديث، ولا أريد أن أعيد الجلسة التي كانت هناك، فلا بد أن أخانا أبا أحمد عنده شريط في ذلك.

ولكن قدمت يومئذ مثالاً من واقع حياة هذه الجماعة جماعة التبليغ، وكان بجانبي أحدهم من الذين يدل سمتهم وهيئتهم على التمسك بالسنة، فهو تقدم بعد صلاة المغرب بالكلمة التقليدية التي تسمعونها دائماً وأبداً من المقدم لمن سيلقي الدرس بعد الصلاة، يقول: إنما فلاحنا ونجاحنا باتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو ما يشبه هذا الكلام، فأنا قلت: ما الذي جعل هؤلاء الإخوان الطيبين التبليغيين يحرصون على هذه الكلمة وهي من إنشاء أحدهم، ويعرضون عن السنة؟ وهنا الشاهد، قلت لهم: فتحنا لكم هذه الجلسة بخطبة الحاجة (إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وكان عليه الصلاة والسلام يزيد عليها في كثير من الأحيان: أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) لماذا أعرض جماعة التبليغ عن افتتاح جلساتهم العلمية بمثل هذه السنة المحمدية؟ ذلك لأنهم لا يدرسون السنة، هم جماعة طيبون يرغبون في التقرب إلى الله، ولذلك يخرجون ذلك الخروج المعهود منهم غير المعهود من -سلفنا الصالح- يخرجون، في ظنهم أنهم يحسنون صنعاً، فقلت للشيخ الذي كان بجانبي: لماذا لا تحيون هذه السنة (ومن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عملها إلى يوم القيامة، دون أن ينقص من أجورهم شيء) ، أنا لا أخص جماعة التبليغ بمخالفتهم هذه للسنة، بل هي مخالفة عامة، فكل الأحزاب وكل الجماعات تخالف هذه السنة، لماذا؟ سبق

الجواب

لأنهم لا يدندنون حول دراسة السنة أولاً؛ لأن هذه الدراسة تعلم الناس وتوقظهم من سباتهم ونومهم العميق، ولذلك فكيف يحيون السنة وهم يجهلونها! ومن فضائل هذا الخطبة كما شرحت هناك، وأوجز هنا ما استطعت إلى ذلك سبيلاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم هذه الخطبة التي تعرف عند العلماء جميعاً بخطبة الحاجة، كان يقدمها بين يدي كل كلمة، محاضرة، أو درس، أو موعظة، أو ما شابه ذلك، وكان يذكر فيها: (خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) ما هو السر في إعراض الجماعات الإسلامية كلها عن هذه الخطبة؟